مهاجمة مبنى الفنار واحتلاله (الجزء الأول)

مهاجمة مبنى الفنار واحتلاله (الجزء الأول)

يعتبر مبنى فنار بورسعيد أثر قومى تاريخىوأثر تاريخى قومى ودولى وشاهد على هندسة البناء المتقدمة خلال آخر القرن التاسع عشر يجب المحافظة عليه فقد تم بناء مبنى الفنار على شكل برج مثمن الجهات بارتفاع 125 مترا فى عام 1886 بالقرب من بداية رصيف ديليسبس داخل المدينة حتى يكون جاهزا لإرشاد السفن عند وقت احتفالات إفتتاح القناة فى نفس وقت انتهاء بناء دار الأوبرا التى بنيت لأستقبال ملوك وملكات أوربا للمشاركة فى أحتفال القناة لمشاهدة أوبر عايدة التى كتبها جوزيبى فردى الأيطالى لهذه المناسبة وللأسف فقد احترق مبنى الأوبرا التاريخى فى بداية 1960 بسبب إهمال الحارس الليلى عندما نسى مسخن مياه الشاى فى الكوز

ويعتبر الفنار أعلى مبنى فى المنطقة الواقعة ما بين شاطئ البحر شمالا حتى القاهرة جنوبا والأسكندرية غربا وحيفا شرقا ، وكان يعمل منذ إنشائه بالكيروسين حتى تم كهربته عام 1955 وهو من أقدم مبانى الخدمة المدنية الهامة لسلامة الملاحة ليس فقط فى الجزء الشمالى من مدخل القناة ولكن فى الجنوب الشرقى للبحر الأبيض المتوسط ويتمتع بصفة وحيدة بارزة يسبب ارتفاعه وقوة ضوئه الابيض البراق الذى يعطيه كل عشرة ثوان من خلال عدسات وأشرطة كريستال معينة الشكل تجمع الضوء الى عدسة وسطية توصل قوة إضائته الى 2 مليون و300 ألف شمعة تمكن رؤية الضوء بشكل براق واضح حتى على بعد 20 ميلا بحريا ، وتكمل دورتها فى البرج الزجاجى كل ثلاثون ثانية،، وحتى يتم الأهتداء بالفنار خلال النهار فقد تم طلائه من جهة البحر بألواب بيضلء وسوداء لأرشاد السفن التى تمر فى البحر الى موقع وميناء بورسعيد وكانت للفنار ميزة أخرى علاوة على الأرشاد للسفن فقد كان الفنار يعطى بيان التوقيت المضبوط ثلاثة مرات خلال النهار عن طريق ارتفاع كرة سوداء ضخمة على سارية عالية تتواجد بأعلاه كل ستة ساعات الى أعلى السارية ُثم انزلاقها بصوت هواء الاستيم فى تمام الساعة السادسة صباحا واثانية عشر ظهرا والسادسة مساء ، علاوة على أجهزة كشف الطقص الجوى وأجهزة مراقبة الزلازل التى كانت تتواجد فى غرفة ادارته عند قاعدته والتى اختطفها الأنجليز معهم عند مغادرتهم للمدينة

وتبعا للقواعد العالمية للسلامة البحرية ،تتتعهد الدول ذات الموانئ أو المدن الواقعة على شاطئ البحار بتأمين ملاحة السفن أمام شواطئها بوضع منار ذو شكل ولون وذو إشارة ضوئية (أو اشارة راديو) معينة له فقط على الشاطئ لكى تسمح لكافة السفن المجودة فى منطقته التمكن من تحديد موقعها فى البحر وخاصة فى حالة الخطورة البحرية ولكى تتمكن أى سفينة أو مركب من اللجوء الى هذا الميناء كما تنصح تلك التعهدات الدولية بعدم استعمال مبانى الفنارات فى صالح أى عمليات حربية أو تمويهية عسكرية محافظا على السلام فى الطرق البحرية وأحواض البحار والمحيطات

واحتراما لهذه التعهدات الدولية ، لم يقم الأنجليز أثناء الحرب العالمية الثانية بوضع أى تحصينات عسكرية فوق بلكون مبنى الفنار أو عليه رغم وجود تحصينات قوات الأحتلال البريطانى فى منطقة القناة وفى ميناء بورسعيد وعلى حواجز الأمواج الصخرية الطويلة الممتدة لرصيف ديليسبس أو مواجهة له فى بورفؤاد كما لم تقم طائرات ألمانيا النازية بمهاجمة مبنى فنار بورسعيد فى غاراتها الجوية على القناة سنة 1942 خلال الحرب العالمية رغم قيامها بمهاجمة السفن الموجودة فى أحواض الداخل وبالميناء بالطوربيدات والتى انفجرت وأصابت سفينتين بالقرب من مبنى النافى هاوس وذلك حفظا منهم للقواعد الدولية والتقاليد البحرية المعترف بها عالميا ولأن أبنية الفنارات فى جميع أنحاء العالم تعتبر من المؤسسات المدنية التى لا تهاجم فى العمليات العسكرية مثالا لمبانى المستشفيات

وحفظا على احترام مصر للتعهدات الدولية واحتراما لهذا الأساس البحرى الدولى، فقد رأت قيادة قوات الجيش المسئولة عن الدفاع المحلي فى المدينة ضرورة عدم وضع أى دشنة مدفع رشاش دفاعى على مبنى الفنار رغم حوم الطائرات فى سماء بورسعيد ومهاجمتهم لمراكز ومنشآت الدفاع العسكرية حوله قبل الغزو الهجومى

أولا: أحتراما ومحافظة على تعهدات مصر وتتبعا للتعهدات والتقاليد العالمية البحرية

ثانيا: عدم تعريض المبنى لخطورة التدمير أو ألأصابة حيث أنه أحد الترث القومية بل والعالمية المتصلة مباشرة بتاريخ حفر قناة السويس


ملاحظة :

عندما تنظروا بدقة الى صورة الفنار ، ستشاهدوا كرة سوداء فى أعلاه ....

هذه الكرة كانت ترتفع على ساريتها الساعة خمسة دقائق قبل كل من الساعة السادسة صباحا والساعة الثانية عشر ظهرا والساعة السادسة مساء ....

وفى الساعة بالضبط ... تنزلق ... وعلى أساسها كنا نضبط ساعاتنا على الوقت ...

ساعات زمان ، كانت بتملأ باليد ...



د. يحى الشاعر