اغتيال رئيس مخابرات القوات البريطانية الماجور وليامز
القصة أعلاه ، هي ملخص شديد لعملية إعتيال الميجور جون وليامز ....
ولقد قمت بنشر الموضوع كما يلي علي الصفحات ، 547 - 551 في كتابي ضمن ملاحق العمليات الخاصــة للمقاومة السرية
ملاحق العمليات الخاصــة للمقاومة السرية المسلحة
كانت أمنيتنا اغتيال رئيس مخابرات القوات البريطانية الماجور وليامز ... فحققها السيد عسران لنا وبمفرده دون علمنا المسبق
تعتبر هذه العملية من أنجح عمليات المقاومة السرية تتبع فى أهميتها عمليتى اختطاف مورهاوس ومهاجمة ملجأ الدبابات البريطانية ، مع فرق كبير وهام, إذ أن أمنيتنا فى قتل اغتيال رئيس مخابرات القوات البريطانية الماجور وليامز قد قام بتحقيقها لنا السيد عسران، فرد واحد دون علمنا المسبق وبمفرده وبدون أى مساعدة منا، رغم أننا قد رفضنا انتماءه الى تشكيلاتنا قبل ذلك بعدة أيام ، ولا تنتمى أى ادعاءات غير ذلك بأى جانب للصحة أو الواقع
من هو الماجور جون وليامز
كان الماجور جون وليامز ضابطا للمخابرات فى القاعدة البريطانية خلال تواجد القوات البريطانية فى قناة السويس حتى جلائهم عن المدينة يوم 18 يونيو 1956 ولعب دورا كبيرا فى اعتقال كثير من الفدائيين عام 1951 , كما كان وليامز يحمى الخونة المصريين داخل المعسكرات البريطانية أمثال كنج صبرى ومكسيموس, ولقد حضر الماجور جون وليامز مع قوات الغزو البريطانية للمدينة و كلف بأن يعمل ضابط اتصال مع محافظة بورسعيد بعد احتلالها، لأنه يتكلم اللغة العربية ولمعرفته الجيدة للمدينة وحواريها ورفض المحافظ محمد رياض ذلك, علاوة على ذلك كان وليامز يرأس مخابرات قوات الغزو البريطانية فى المدينة. وكان يجرؤ بكل وقاحة على الدخول بسيارته فى الحى العربى دون خشى نظرا لمعرفته الجيدة لشوارع وحوارى المدينة وكان لتصرفات الماجور جون الأثر السيئ على العديد من المواطنين والحوادث، وكانت معرفته الجيدة للمدينة وحواريها يسبب لنا الصداع فى العديد من الأحيان وكان معروفا لنا أن الماجور ويليامز هو الضابط الذى قام باعتقال ضباط الصاعقة وكان ضابطا للمخابرات فى القاعدة البريطانية
من هو السيد عسران
دخل السيد عسران الحرس الوطني بعد محاولات عديدة فقد كانوا يرفضون قبوله لأن جسمه كان نحيفا وبعد مرتين أو 3 مرات، قبل انتسابه ودخوله تدريب الحرس الوطني، كان زملاؤه يستخفون به لأن جسمه النحيل كان لا يتحمل ثقل المدفع الرشاش لانكستر، فكان ينحنى تحت ثقله، وأنهى عسران تدريبه بعدما اهتم به الجاويش نجيب وراعاه ولقد لعبت الصدفة دورها فى حياته، بعدما تمت اتفاقية الجلاء في 18 يونيو، لم يُسرح المتطوعون ولم يلغِ الحرس الوطني، وإنما أرسلت كتائب المتطوعين للتمركز على خط الهدنة فى قطاع غزة لمواجهة الغارات الاسرائيلية المتزايدة والدفاع عن الفلسطينيين، حيث لم تكن قد نشأت وقتها قوات مسلحة منهم للدفاع عن أنفسهم وتبادلت الكتائب من المناطق المختلفة فى مصر داوريات حمايتها لحدود غزة، بين الإسكندرية والقاهرة والقناة والبحيرة وبعض المحافظات يبقون 6 شهور ثم يرجعون لتبادلهم الكتيبة التالية,
وكانت كتيبة القناة تتكون من بورسعيد، والإسماعيلية والسويس، ويظهر أن سبب تقبل عسران للتدريب وقتها كان يرجع الى النقص الواضح فى عدد المتطوعين، بعدما بدأت القوات البريطانية تغادر منطقة القنال حسب اتفاقية الجلاء وفي أوائل 1956 ذهب عسران الى قطاع غزة، ووقف على خط الهدنة كغيره ، ويتذكر عسران ذلك الوقت حيث كان يسمع في الأخبار اسم بيت حانون في قطاع غزة,
ولم يكن يدرى أن دشمته سوف تكون بالقرب منه مباشرة ، وكان أمامه مستعمرات هيريبيا ومستعمرة وشديموت ومفليسين حيث كانوا يتوغلون عبر الحدود الاسرائيلية ويتوغلون فى المستعمرات بعد سقوط الليل لإشاعة الرعب والقتل. وعندما أعلن قرار التأميم كان عسران في موقع الربوة في قطاع غزة، وسمع مع زملائه يومها خطبة جمال عبد الناصر، فبدأ يرقص مع زملائه فرحة، وأطلقوا الرصاص في قطاع غزة ابتهاجاً بتأميم قناة السويس، لمعرفته مثل العديد من سكان مدن منطقة قناة السويس بأن قناة السويس كانت دولة داخل دولة، لم تملك فيها مصر أى شىء بعدما حدث العدوان على بورسعيد وقتل شقيقه، قرر السيد عسران فى نفسه القيام بعملية لم نكن نعلم بها حتى حدثت.
فقد كان السيد عسران لا يبلغ عمره 17 سنة وكان يعطينا انطباع هدوء مريح ولكنا كنا نحس بأنه يخفى فى نفسه شيئا ، حقا للتاريخ فإن الوقت لم يتح لنا أن نعطى الوضع النفسى فى مجموعتنا أى وقت أو اهتمام نظرا لوضع المدينة واحتلالها ويدل تخطيط وتنفيذ عملية مهاجمة الضابط الإنجليزى بالقنبلة اليدوية على ذكاء السيد عيوان الحاد وعلى ارتفاع مستوى تفكيره فى التوصل الى الهدف الذى يبغاه
يوم الجمعة 14 ديسمبر
ازدادت التصرفات المجنونة للقوات البريطانية فى المدينة واعتقالاتهم العشوائية للعديد من شباب المدينة بعدما مرت ثلاثة أيام على اختطاف المجموعة الرابعة للضابط الانجليزى مورهاوس دون إكتشاف القوات البريطانية لمكانه, وأتى صباح يوم الجمعة 14 ديسمبر لكى يحقق السيد عسران عمليته الشخصية البطولية التى دخل معها التاريخ للأبد, والتى لم نكن نعلم بها بالمرة مسبقا أو عما يدور فى رأس السيد عسران وعن نيته، فلقد أراد عسران القيام بدوره فى مقاومة الاحتلال وإنصافا للتاريخ، لا يمكننى أن أدعى بأننا قد خططنا هذه العملية فى أى من مراحلها والتى يشاء أن تحدث بعدما تقرر البدء بتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة القومية لمكافحة العدوان، وكانت هذه بداية تبشر بالخير لتولى الصاغ أ ح سعد عفرة القيادة.
توجه السيد عسران فى الصباح المبكر الى ناصية تقاطع شارعى رمسيس والنهضة فى صباح هذا اليوم بعدما صمم على تنفيذ عمليته الجريئة، وهى نفس الناصية التى تم عندها قبل أيام اختطاف مورهاوس وفى حوالى الساعة التاسعة ولسنا ندرى سبب اختياره لهذه النقطة بالذات وكان السيد عسران يمسك فى يده برغيف خبز بلدى وورقة بيضاء كتب عليها بعض السطور والكلمات باللغة الانجليزية يوحى منظرها بأنه طلب أو شكوى ولم ينقض وقت طويل، حتى اقتربت سيارة مدنية صغيرة مغلق زجاج نوافذها كان جون وليامز يستعملها فى التنقل بين أحياء المدينة، وكانت السيارة تنطلق بسرعة فى اتجاه المكان الذى وقف عنده عسران بشارع رمسيس، وكان يجلس فى داخل السيارة كل من الماجور وليامز والكولونيل جريس وسائق السيارة
قنبلة يدوية فى رغيف خبز
وماكادت السيارة المذكورة تمر على مكان توقف عسران حتى لوح بها السيد عسران للسائق لإعطائهم الشعور بأنه يريد تسليمهم الورقة، ولم يتوقف عسران فى نصف الطريق أو بشكل يوحى بتواجد الخطر ، ولكن السائق لم يتوقف ومضت السيارة فى طريقها لعدة أمتار حتى تتوقفت بحدة وعادت للخلف، إذ أن ويليامز ومن يصاحبه قد شاهدا الشاب المصرى ومعه الورقة فى الصباح المبكر قبل ازدحام الشارع بالمارة كان يحمل فى نفسه نوعا من السرية وأغلب الظن بأنه اعتقد كرئيس لمخابرات القوات البريطانية فى المدينة بأن الشاب يود أن يسلمه معلومات عن مكان الضابط مورهاوس الذى اختطف قبل أيام.
وكان من مهمة ويليامز كرئيس للمخابرات البريطانية أن يعلم محل وجوده، وفى المدينة ويزداد عدد الاحتمالات التى توالت فى رأس ويليامز ، أما الواقع الذى نعرفه فهو أن السيد عسران قد صمم على قتل أكبر عدد من البريطانيين للانتقام منهم, وبعدما توقفت السيارة أمام عسران، وكان ويليامز على جهة عسران، نعتقد أنهم أغلقوا السيارة من الداخل حذرا أن يكون ذلك كمينا لهم مما جعل السيارة تكون مصيدة مقفولة عواقبها شديدة عليهم، وفتح وليامز نافذة سيارته فى حذر شديد ليتحدث الى الشاب المصرى باللغة العربية ولم يلاحظ أى من ركاب السيارة عند رجوعهم للخلف، بأن عسران الذى تظاهر بأخذه لقمة من رغيف الخبز البلدى قد سحب مسمار قنبلة يدوية كان قد خبأها فى رغيف الخبز وهو يقترب من النافذة التى فتحت ، واوصل السيد عسران خداعه للبريطانيين ونظر إليهم نظرة بريئة متظاهرا بأنه يوالى أخذ قطمة من رغيف الخبز فلما نظر وليامز الى الشاب المصرى وسأله باللغة العربية ولهجة مصرية عبرت عن الضيق والاحتقار للمصريين "إنت عايز إيه ياولد ...؟" ،
ولم يتحدث عسران ، ولكنه مد يده إليه وفيها الورقة ليعطيها اليه ولإبعاد وتحويل انتباههم عن يده اليمنى، واتجه انتباه الماجور وليامز والكولونيل جريس الى الورقة ولما حاولا أخذ الورقة منه تركها عسران لتسقط الى أرض السيارة ومن العجيب أن الضابطين لم يخطر ببالهما أن ذلك قد يكون فخا لهم، واندمجوا فى محاولة رفع الورقة من أرض السيارة وقبل أن يعتدل الماجور وليامز أحس بشئ آخر يسقط فى السيارة وقبل أن ينتبه الماجور وليامز الى مايحدث، انطلق السائق والكولونيل جريس بسرعة من الجهة اليسرى ليغادروا السيارة هربا بينما تمكن وليامز من فتح باب السيارة على الجهة اليمنى بعد ارتباكه وتأكده من الفخ الذى وقع فيه,
ومعروف أن القنبلة تنفجر بعد أربع ثوان كانت ثوانى الارتباك الثلاثة تكفى لكى يتمكن السيد عسران من الهرولة والاختفاء فى الشوارع الخلفية, بينما تمكن الماجور وليامز من الخروج بالجزء الأعلى من جسده خارج السيارة ودوى صوت انفجار شديد فى المنطقة ليهزها ويصحى العديد من السكان أما ويليامز، فقد سقط على سطح طريق النهضة ، وتمكن من انتزاع مسده وأخذ يطلق النيران فى كافة الاتجاهات، ولم يكن يحس بعد فيما حدث له، وأصيب طفلان يونانيان تصادف وجودهما فى المنطقة برصاص طلقات ويليامز، ولم يتمكن جون وليامز من التحرك، إذ أن انفجار القنبلة اليدوية قد أدى الى تمزيق إحدى ساقيه، ورقد ينزف فى مكانه سابحا فى بركة دمائه وكان يعلم بأن نهايته قد قاربت نظرا لمرضه بالسكر فى الدم ، وأتت داورية بريطانية الى المكان بعد سماع صوت الانفجار ونقل وليامز الى غرفة عملية الجراحة التى كان البريطانيون قد أنشأوها فى فندق كازينو بالاس، حيث قام بمحاولة إنقاذه الأطباء البريطانيون ومنهم الطبيب جون هاليداى، ولكن إصابة جون وليامز وفقده للدم الكثير قبل حمله للمستشفى ومرض السكر فى الدم قد أثرا على امكانياته فى الحياة ، ورغم كافة محاولات إنقاذه بنقله بالطائرة الهيليكوبتر الى المستشفى المعد على حاملة الطائرات تيسيوس التى كانت تقف فى الغاطس‘ فإن جون وليامز قد توفى بعد ثلاثة أيام
ويليامز مش كفاية للثأر
أما السيد عسران، فقد أسرع الى مبنى قسم ثان وصعد درجات السلم ليدخل غرفتنا بشكل سريع دون أى إشارة عن وجوده، وكنت أجلس مع كمال الصياد وسمير غانم نناقش تقرير عمليات الأمس، وما ننوى عمله خلال مساء اليوم، إذ كنا قد صممنا على التسلل الى الحى الأفرنجى لوضع عدة متفجرات وقتية فى الأوراق الموجودة بالقرب من فندق بالاس مركز الجنرال ستوكويل ، فنظرنا الي عسران مندهشين لاقتحامه الغرفة ، ليفاجئنا بدوره وأبلغنا وعيونه مليئة بالدموع بما أتم عمله وبكى عسران بشدة أدهشتنا
ولما سأله سمير غانم عن سبب بكائه فإن الأبطال لا يبكون ، ظهر لنا ولأول مرة حقيقة تصميم السيد عسران على عمليته وتخطيطها وتنفيذها دون علمنا, وتوقفت دموع السيد عسران ليرد على تعليق سمير غانم قائلا بأنه ما حدث لوليامز لا يكفى لثأر شقيقه الذى قتل خلال الدفاع وقت الاعتداء على بورسعيد، وقام كمال الصياد ليضم عسران إلى صدره فى حنان أخوى كبير ويؤكد له بأن الأيام القادمة سوف تعطى عسران الفرصة الكافية لأخذ الثأر لروح شقيقه وطلب من عسران التوجه الى منزله والاختفاء عدة أيام لأن الإنجليز قد شاهدوا وجهه وعدم التوجه الى منطقة الأفرنج
السيد عسران فقير شريف أبى له كرامة واعتزاز
نهض اليوزباشى سمير غانم على قدميه قبل أن يستدير السيد عسران ليغادر الغرفة وأخرج سمير غانم من جيبه خمسة جنيهات أراد أن يعطيهم الى السيد عسران شاكرا، ولكن عسران نظر الى سمير غانم نظرة فيها الكثير من اللوم ، واعتدلت قامته لتصل الى السماء وبكل شرف وإباء رفض أخذ المكافأة من سمير غانم ثم استدار دون تعليق,
وغادر السيد عسران الغرفة وترك السكون يهبط علينا وكنا نحس أن رأسه فى أعالى السماء فرحة واعتزازا بما قدمه للوطن وللمدينة فى هذا الصباح.
شاهدت ما كان يحدث أمامى وازداد إعجابى بهذا الشاب البسيط الذى لم يكن عمره يقل عن عمرى كثيرا ، وإرتفع تقديرى للسيد عسران بشكل كبير عندما رفض أخذ أى مكافأة مادية رغم الظروف الاقتصادية التى كانت تسود على المدينة إذ كنت أعلم بأن الوضع الاقتصادى فى بورسعيد قد أثر عليه وعلى أسرته بشكل حساس كبقية سكان المدينة التى توقفت كل مواردها المالية بسبب الحرب، ولكن إباءه ورفضه أخذ المكافأة المادية كانت إشارة فهمها سمير غانم لأنها أوضحت له مرة أخرى بأننا وجميع تشكيلاتنا نقوم بواجبنا للوطن لتحريره, ولا ننتظر أى شكر أو اعتراف مادى ولم يكن يدرى فى بالى أن سمير غانم سيعيد نفس التصرف مرة أخرى
انتظارعواقب انتقامية سيئة
لم يكن اجتماعنا اليومى قد انتهى، وأخذت حادثة مهاجمة وليامز جزءا من وقتنا فى استنتاج العواقب التى سينتج عنها, ووضع الخطط والتعليمات المناسبة لمواجهة الموقف بشكل حذر، فإن عملية اختطاف مورهاوس لم ينقض عليها أسبوعا، وتوقعنا قيام البريطانيين بحملة انتقامية ضد سكان المدينة والقبض على شبابها، فأصدر سمير تعليماته بعدم القيام بأى عملية فى هذا اليوم لأن الداوريات البريطانية من الؤكد أنها ستنشر فى المدينة وينتظر قيامهم بتصرفات استفزازية عشوائية وتوقعنا سمير وكمال وأنا أن تقوم الداوريات البريطانية بمهاجمة موقع إختبائنا فى مبنى قسم ثان مشابهة لما حدث فى الاسماعيلية يوم 25 يناير 1952 فأنهينا اجتماعنا فورا وقررنا مغادرة مبنى القسم بشكل سريع ومنفرد زيادة فى الحرص والتوجه الى مكان التقائنا المتفق عليه لتكملة اجتماعنا وإعداد التقرير اللازم عن العملية لإرساله باللاسلكى الى الرئاسة فى القاهرة للتنبيه على انتظار احتمالات حدوث تطورات سيئة فى المدينة نتيجة لهذه العملية، فقد كان إنذار الجنرال ستوكويل للمحافظ محمد رياض بمسح كيان ووجود حى العرب بمن فيهم سكانه مازال قائما
أوامر سمير غانم لكمال الصياد بالاختباء فورا
ثم أصدر سمير غانم أوامره الفورية الى كمال الصياد بالاختباء نظرا لأن الوضع أصبح خطرا عليه وأمر المؤلف يحيى الشاعر بالقيام بتولى قيادة تشكيلات المقاومة السرية المسلحة فورا بالنيابة عن كمال الصياد.
فنزلت على كلمات أوامر اليوزباشى سمير غانم الى اليوزباشى كمال الصياد كالصاعقة ولكننى تقبلتها، ولم يكن أمامى سوى الانصياع ثم استدار سمير وغادر الغرفة بسرعة معلقا بأنه سيرانى فيما بعد للتناقش متوقعا حضور داوريات بريطانية لمبنى القسم وتفاديا لاحتمال ملاقاته وخطر القبض عليه، بينما طلب منى كمال الصياد الانتظار قليلا ليتحدث معى منفردا قبل انصرافنا.
وما كات الغرفة تخلو وانفرد بى كمال الصياد، حتى أخذنى بين أحضانه قائلا "... حتى اليوم’ كنت ساعدى وذراعى الأيمن، ولم أفعل شيئا دون تنسيقك واستشارتك، ولقد نجحنا سويا،... الآن، كل مصر تنظر إليك وإلى أعمالك،... انتبه على نفسك يايحيى، إحنا ماعندناش غيرك...، ربنا يوفقك..." وقرأنا معا الفاتحة استبشارا ودعونا الله بالتوفيق وأخبرنى أنه يود مشاهدة والدتى فى مسكننا
كمال الصياد ينبه على البوليس بالحذر
قام اليوزبشى كمال الصياد على الفور بالاتصال هاتفيا الملازم أول سامى خضير بصفته الضابط المسؤول عن تنسيق الاتصالات بالبوليس لتنبيهه وأبلغه بسرعة - رغم هدوء واضح - عما حدث للقيام بالتصرف والتنبيه على قوات البوليس فى المدينة بإتخاذ خطوات مناسبة لما يتوقع حدوثه, كما أبلغ كمال رئيس قسم ثان بنفس الأمر وطلب منه الاسراع فى الاستعداد لاحتمال عواقب سيئة ضد مبنى قسم ثان مركز وبنايته ، وغادرنا المبنى بسرعة ، كل فى طريقه متوجهين إلى مكان التقائنا هدفنا
كمال الصياد يتوجه الى والدة الأخوة الشاعر
ذهبنا بعد ذلك الى مسكننا بملك أبوسلامة بشارع سعد زغلول فى الدور الثالث وطرقنا على الباب الطرقة المتفق عليها ففتحت صاحبة المنزل والدتى رحمها الله ودخل الصياد,
ووجد الملازم أول فرج محمد فرج عثمان يجلس أمام دولاب ملابس والدة الإخوة الشاعر - حيث كان يخببأ جهاز اللاسلكي - و يرسل إشارة وتقريرا الى قائد المعركة عضو مجلس الرياسة كمال رفعت بقتل وليامز وأن قاتله السيد عسران من رئاسة المجموعات (وهنا يظهر التناقض في الأقوال ، فبعدما نجحت عملية إغتيال الميجور وليامز ، أصبح طبيعي ، تناسي رفض قبول السيد عسران وما حدث قبل ذلك) ... .
واصل كمال الصياد الإدلاء بأقواله " ... وتوجهت الى شرفة المنزل ونظرت الى السماء وسألت نفسى لماذا حضر مورهاوس ولماذا حضر وليامز الى مصر ولماذا حضر مورهاوس ولماذا حضر أولئك الإنجليز الذين قمنا بقتلهم وصرعهم وهل كنا معتدين بذلك..." ويتابع الكتاب (1) المذكور تدوين كمال الصياد لما حدث مما يبين وضع وقيمة والدة الأخوة الشاعر والدتى السيدة المرحومة أمينة محمد الغريب له
"... وحضرت بجوارى صاحبة المنزل وسألتنى عن الشئ الذى أفكر فيه وكان مكان هذه السيدة فى نفسى مكانة والدتى بالضبط، فأخبرتها ، فقالت أنهم هم القتلة وأنتم الذين تدافعون عن منازلكم وبلادكم وأعراضكم، فقلت لها أشكرك ياسيدتى فإنك كل يوم تضربين لنا المثل فى التضحية فى أولادك الثلاثة يحيى وعبدالمنعم وهادى يشتركون معنا فى المعركة وإنت هنا فى معركة أخرى مستمرة إذ لديك جهاز اللاسلكى الذى نتصل به بالخارج ، وهاأنت ذا تعيدين لنا الثقة بالنفس..."
ويذكر كمال الصياد بأنه عاد الى قسم العرب وأنه لم يكن تناول طعامه منذ يومين أى منذ اختطاف مورهاوس وفى مبنى القسم، التقى بالملازم أول سامى خضير واليوزباشى نبيل الألفى وأصدر اليهما بعض التعليمات التى تتعلق بوضعى الجديد كنائبه فى قيادة جميع التشكيلات السرية للمقاومة الشعبية المسلحة، وطلب منهما تقديم كل مساعدة ممكنة الى ، ثم غادر المبنى وقبل أن يركب سيارة القسم التى يقودها المخبر الجراحى، استدار وألقى نظرة أخيرة على المبنى وتوجه كمال الصياد الى منزله فى الحى الآفرنجى بالقرب من سوق الأفرنج ، ليختبئ من بحث البريطانيين عنه وتوليت اعتبارا من هذه اللحظة فى يوم الجمعة 14 ديسمبر حتى جلاء البريطانيين مساء يوم 22 ديسمبر قيادة المقاومة السرية نيابة عنه حتى مغادرة البريطانيون للمدينة كما تؤكد مذكرة محافظة القاهرة المتعلقة بيحيى الشاعر وأدواره وتعليق سمير غانم بخط يده
كما قمت بنشر التالي في أكثر من منتدي وموقع في الإنترنت حتي يطي هذا البطل حقه في الإعتلااف به
وتوفى "السيد عسران" ولم تكرمه مدينته "بورسعيد" بتسمية أحد شوارعها بأسمه ....
"... انت عايز إيه ياولد .. ؟؟؟ " والأنفجار والمصيدة
السيد عسران بذكائه الفطرى، خداعه للبريطانيين ونظر اليهم نظرة بريئة متظاهرا بأنه يوالى أخذ لقمة ... وقطمة من رغيف الخبز فلما نظر ماجور وليامز الى الشاب المصرى ونهضه متسائلا باللغة العربية ولهجة مصرية عبرت عن التضايق والأحتقار للمصريين "... انت عايز إيه ياولد ... ؟؟؟ ..." لم يتحدث عسران ، وحتي يبعد ويحويل انتباههم عن يده اليمنى ، مد عسران اليه يده اليسرى وفيها الورقة ليعطيها اليه، متظاهرا بأنه أخرس لا يتكلم ، وإتجه انتباه الماجور وليامز والكولونيل جريس الى الورقة
ولما حاول أخذ الورقة منه تركها عسران تسقط إلى أرض السيارة ومن العجيب أن الضابطين لم يخطر ببالهما أن ذلك قد يكون فخا لهم، وإندمجا فى محاولة رفع الورقة من أرض السيارة وقبل أن يعتدل الماجور وليامز أحسى بشئ آخر يسقط فى السيارة
وقبل أن ينتبه الماجور وليامز الى مايحدث، أحس السائق والكولونيل جريس بأنهما قد وقعا فى كمين عليهم ، ففتحا باب سيارتهما من الجهة اليسرى ليغادرونها بسرعة وإنطلقا هربا
بينما لم يتمكن وليامز من فتح باب السيارة على الجهة اليمنى بعد إرتباكه وتأكده من الفخ الذى وقع فيه، فقد كان قد أغلق مفتاح أمان السيارة من الداخل
ومعروف أن القنبلة اليدوية من طراز "ميلز 36" البريطانية تنفجر بعد أربعة ثوان ..... !!!!!
كانت ثوانى الأرتباك الثلاثة تكفى لكى يتمكن السيد عسران من الهرولة والأختفاء فى الشوارع الخلفية ..... بينما تمكن الماجور وليامز فى اخر لحظة من الخروج بالجزء الأعلى من جسده خارج السيارة،
...... وفى هذه اللحظة، .... دوى صوت إنفجار شديد فى المنطقة ليهزها ويصحى العديد من السكان ، وكان السائق والكولونيل جريس يهرولان بعيدا عن السيارة فرارا بروحهما ....
أما ويليامز، فقد سقط أعلى جسده على سطح اسفلت شارع طريق النهضة وهو تنزف دمائه من جروحه الخطيرة،
ولم يتمكن جون وليامز " رئيس المخابرات البريطانية" من التحرك، إذ أن إنفجار القنبلة اليدوية قد ادى الى تمزيق أحد ساقيه
.....، وكان يعلم بأن نهايته قد اقتربت نظرا لمرضه بالسكر فى الدم ، اذا لم يسرع فى انقاذه ، ...... فتمكن من انتزاع مسده وأخذ يطلق النيران فى كافة الأتجاهات ليجذب انتباه البريطانيين اليه لينقذوه بشكل مبكر .......
، فأصيب طفلان يونانيان تصادف وجودهما فى المنطقة يرصاص طلقاته ، وبعد لحظات، أغمى عليه ولم يكن يحس شيئا فيما حدث له، ورقد ينزف فى مكانه سابحا فى بركة دمائه .....!!!!
وعندما أخبرنا السيد عسران بما حصل ..... !!!! لم ندرى ماذا نقول ... فقد قـــام وحــــــــــــــــده دون أى تخطـيـيـط منا بهذه العملية ....
ورفض السيد عــسران تقبل مكافئة مادية فورية أراد أن يقدمها له وقتها اليوزباشى سمير غـانم ...... !!!!
................ خــمــســة جــنــيــهــات ....... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ !!!!!!!!
إمتلأت عينى "السيد عسران" ببريق رائع ، وأنتصبت قامته حتى بلغت هامته عليا السمــاء وقال لسمير غانم بصوت حازم مملوء بكل فخر وإعتزاز ....
...... لآ ...... متشـــكر ...... أنا مش عايز فلوس ....
أنا إنتقمت لأخويا الشهيد ..... وقتلت وليامز علشان بورسعيد ....!!!
أستدار "السيد عسران .... وخرج من باب الغرفة ... فى الدور الأول بمبنى قسم ثان "قسم العرب " .....
وكنت أعــلم ، أن هذا الشاب الفقير الذى تقارب عمره مع عمرى ...كان فى أشد الحاجة للنقود ... ولكن أبائه وعزته ... جعلا منه أغن الناس ... شرفا ....
لم يدرى سمير غانم ماذا يقول .... وصدى علينا صمت بشع للحظات ، بينما ...كنت أسمع نبض قلوبنا الفرحة فى الغرفة ...
ولم أتمكن من عمل شيىء له ... فإنى قائدى ... اليوزياشى سمير غانم والسوزباشى كمال الصياد ، كانوا يملكون من السلطة ، ما يؤهلهم للتصرف .....
.... مضت السنون ... والدهور ....
وتوفي السيد عسران ومات ... محسور ... على عدم تكريم مدينته له توفى "السيد عسران" ولم تكرمه مدينته "بورسعيد" بتسمية أحد شوارعها بأسمه ....
أليس هذا داعى للفخــر ....
وأسألكم ..... متى يأتى دور محمد مهران ... !!!! ؟؟؟؟
ودور غيره .. محمد حمدان .. السيد الكومي .... وغيرهم
محمد حمد الله مات مجهول ........... من مدينته
كمال الصياد مات مصدوم .... إتنسى من بلده وراح ...
السيد صبحى الكومى مات حزون ... ولا حد يتذكره فى بلده رغم بطولاته
اليوزباشى منير الألفى مات مصدوم أن تنساه المدينة التى دعمنا فى تحريرها
فرج محمد فرج توفى متألم ... وضع نفسه فى الخطر وهو جنب اللاسلكى المخبا فى منزلنا طوال فترة ألأحتلال ، ولك يكرم من أى جهة
محمد هادى الشاعر ... توفى وواصل صمته ... رغم عملع وقيادته للمقاومة السرية السلبية وبطولات أخرى
محمد شاكر مخلوف ... مات وكسور النفس ... رغم بطولاته على مدى ثلاثون سنة ... ووضعه لمطبعته فى خدمة المقاومة السرية
ابطال رجال البحرية ... ومعركة النافى هاوساللى أوقفوا تقدم وزحف العدوان 24 ساعة وبذلك أفشلوا زحف الأعداء على الأسماعيلية والقاهر والسويس ... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
أمينة محمد الغريب "الشاعر" والدتى البطلة توفت مبكرة ... حقيقى طلبوا لها نيشان الكمال ... بس هوه فينه .... ؟؟؟؟
هؤلاء الأبطال اللى ماتوا ....
ما حدش لا كـرمته مدينته اللى ضحوا من أجلها .... بورسعيد ........ ولا حد سأل فيهم .... حتى بإسم حارة ولو حت الشارع اللى نشأ فيه وعاش عليه طفولته
طيب الناس الأبطال اللى لسه عايشين وربنا يطول فى عمرهم ....على مثال فقط ... أبطال خطف مورهاوس ... أحمد هلال ، وزنجير
فيما يلى اسماء الذين قاموا بخطف الملازم أنطونى مورهاوس وهم الأبطال
• محمد حمدالله
• عزالدين الأمير
• أحمد هلال
• حسين عثمان
• طاهر مسعد
• والبطل المجهو ل السيد البوص يالذى جانب بجانبى عندما دفنت مورهاوس تحت السلم
البكباشى عبد الفتاح ابوالفضل
الصاغ أ ح سعد عبدالله عفرة
اليوزباشى كـمــال الـصـتيــاد
اليوزباشى سمير محمد غانم
برضه ولا حد سأل فيهم ولا حتى بنيشان ...
عادل السادات ... كان يقود طيارته الميج ، .. قتل في أول لحظات الهجوم يوم 6 أكتوبر 1973 ، وأطلقوا إسمه بسرعة فائقة على طريق الكورنيش ....وعملوا لـــه هيصة وزمبليطة
تعليقى بقى ...
اللى لازم نورى فيه العالم كله أننا لسن ناكرين ..... لمــاذا لا تطلقوا أسمائهم على شوارعكم وحاراتكم .... التى نشأء فيها أولاد المدينة ... وقواد المقاومة السرية ....
لماذا ... لا بد أن يتوفوا قبل أن يطلق أسمائهم على الشوارع ... حاييجى لهم فى القبر منه أيه ....
لماذا لا نتخلى عن هذا التقليد " ألأنجليزى" بإطلاق الأسماء بعد الوفاة ....
لماذا لا تكون عندنا الشجاعة لنبين للناس اللى لسه عايشين وربنا يطول فى عمره ... عزالدين الأمير
و أحمد هلال وحسين عثمان و طاهر مسعد ووالبطل المجهو ل السيد البوص شكرنا لهم وتقديرنا لهم ....
وحتى لا يساء فهمى ... إننى لاأطـــــالب لنفسى بشىء ....، لأن ربنـا سبحانه وتعالى هوه اللى بيجازى بالخير الآن أو بعد الممات ... ورضائه تعالى ، أهم لى من رضاء ألف عبد ذو سلطة أو مسئول
....
لـــست أدرى
د. يحى الشاعر
ملاحظة ، عندما أطالب لشقيقى محمد هادى ولوالدتى ... فإننى أطالب بحـــــــــــق لهم .... حـــق مدون تاريخيا ... وعندكن من الوثائق .... المكتوبة باليد ، والكتب "غير كتابى" ما يدونون بطولاتهما وخاصة والدتى رحمها الله .........!!!!!!!!!!!!!!!!!!ا
"... انت عايز إيه ياولد .. ؟؟؟ " والأنفجار والمصيدة
فيما يلى اسماء الذين قاموا بخطف الملازم أنطونى مورهاوس وهم الأبطال
• محمد حمدالله
• عزالدين الأمير
• أحمد هلال
• حسين عثمان
• طاهر مسعد
• والبطل المجهو ل السيد البوص يالذى جانب بجانبى عندما دفنت مورهاوس تحت السلم
البكباشى عبد الفتاح ابوالفضل
الصاغ أ ح سعد عبدالله عفرة
اليوزباشى كـمــال الـصـتيــاد
اليوزباشى سمير محمد غانم
برضه ولا حد سأل فيهم ولا حتى بنيشان ...