المقاومة السرية فى بورسعيد
بقلم اللواء سمير محمد غانم
العربى 28\6\2009
علم بورسعيد
قرأت مقالا بجريدة العربى بتاريخ 21/6/2009 بعنوان «فى ذكرى الجلاء محاولات مشبوهة لإعادة تمثال ديليسبس إلى بورسعيد» بقلم الاستاذ أحمد رجب وهو مقال مليء بالشعور الوطنى ولكن استرعى انتباهى لفقرة تعرضت للمقاومة السرية فى بورسعيد ضد العدوان الثلاثى عام 1956 تقول «تأسس على الفور العديد من منظمات المقاومة السرية فى بورسعيد توحدت أربع منها فى جبهة المقاومة الشعبية المتحدةضمت أبرز فصائل المقاومة وهى اللجنة العليا للمقاومة الشعبية، الأحرار الانتقاميون، «م. س» المدمرون، واستمرت إلى جانبها فصائل متنوعة للمقاومة
لكن القاهرة رأت ضرورة توحيد هذه الفصائل من المقاومة وقد كان فتأسست هيئة تحرير شعب مصر، والتى يرمز لها بـ «هاتاشاما»، وأشرفت المخابرات العامة المصرية على تأسيسها بقرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر!!! بمناسبة قيادتى للمقاومة السرية فى بورسعيد عام 1956 من قبل المخابرات العامة المصرية بعد احتلال بورسعيد لن أعلق على ما كتب عن المقاومة ولكن لى كلام آخر يتلخص فى الآتي:
1 ـ بعد تأميم قنال السويس فى 26/7/1956 وبدأت انجلترا وفرنسا التحرك ضد مصر قامت المخابرات العامة بقيادة السيد زكريا محيى الدين بتكليف بعض من ضباط المخابرات الذين سبق لهم قيادة الكفاح المسلح ضد القاعدة البريطانية فى القنال عامى 1953 ـ 1954 بإعداد مراكز للمقاومة السرية فى المنطقة حسب الآتي: فى بورسعيد تم انتداب الصاغ يحيى القاضى من القوات المسلحة لقيادة المقاومة السرية بصفته من أهل بورسعيد ـ وفى القنطرة الملازم سلامة عثمان ـ وفى السويس الملازم يحيى راشد ـ وفى الشرقية الصاغ لطفى واكد ـ وفى الاسماعيلية حيث المركز الرئيسى للمقاومة فى القنال كلها وكذلك مركز تدريب للمتطوعين وكان فيه الصاغات/ عبد الفتاح أبو الفضل ـ سعد عفره ـ كمال رفعت ـ اليوزباشى سمير محمد غانم.
2 ـ قبل غزو بورسعيد بحوالى 3 أيام قمت بتسليم الصاغ يحيى القاضى فى بورسعيد حمولة 2 سيارة لورى محملة بالأسلحة والذخيرة والمفرقعات وذلك بحضور السيد حسنى عوض من رجال المخابرات العامة والذى عين مساعدا للصاغ يحيى القاضى وقد رجعت فى اليوم التالى إلى معسكر الاسماعيلية. وقد لاحظت أن الصاغ يحيى القاضى يتجول فى بورسعيد بالملابس العسكرية!!
3 ـ عندما تم احتلال بورسعيد وبورفؤاد انسحب الصاغ يحيى القاضى من بورسعيد وحضر إلينا فى معسكر الاسماعيلية لكى يتفادى اعتقاله من قوات الغزو التى اعتقلت بعض ضباط الجيش المصرى الذين كانوا فى القوات المصرية التى كانت تدافع عن بورسعيد وعلى رأسهم العقيد صلاح الموجى قائد القوات.. وأعتقد ان تعيين الصاغ يحيى القاضى لكى يكون قائدا للمقاومة السرية كان خطأ من وجهة نظر الأمن والعمل السرى لأن المفروض أن قائد المقاومة والقادة الفرعيين لأى مقاومة سرية ألا يكونوا معروفين ولا معروف محل اقامتهم!!
4 ـ لما أصبحت المقاومة السرية فى بورسعيد دون قيادة طلبت من رئيسى المباشر الصاغ حسن حلمى بلبل الموافقة على دخولى بورسعيد لقيادة المقاومة السرية وإمداد الدولة بالمعلومات عن القوات المعتدية وعن بورسعيد فوافق على ذلك.
5 ـ تسللت إلى بورسعيد عن طريق بحيرة المنزلة على إحدى مراكب الريس عبدالمنعم زعزوع ومعى جهاز لاسلكى صغير وقابلت حسنى عوض مساعد الصاغ يحيى القاضى الذى أخبرنى بحقيقة الأوضاع فى بورسعيد وانه لم يبق من رجال المقاومة غير خمسة أفراد فقط وان القوات المعتدية استولت على شحنة الأسلحة التى تم تسليمها لهم من قبل.
6 ـ كتبت تقريراً مفصلاً وكذلك خطة التحرك عن المرحلة التالية وأرسلته إلى الصاغ محمود عبدالناصر ضابط الاتصال برئاسة المخابرات العامة تتلخص فى الآتي:
أ ـ اعداد أماكن ايواء للمتطوعين المزمع احضارهم من خارج بورسعيد وأماكن لاستقبال وتخزين الأسلحة والذخيرة المطلوب تهريبها إلى بورسعيد.
ب ـ تكليف الأفراد الخمسة المتبقين من المقاومة بالعمل للحصول على معلومات عن القوات المعتدية والبحث عن أماكن الايواء والتخزين المطلوبة.
جـ ـ تجنيد أفراد من اهالى بورسعيد ممن يسكنون بجوار المعسكرات والميناء لرصد تحركات القوات وكذلك تجنيد أفراد من أهالى بورسعيد للمقاومة السرية.
د ـ ارسال خرائط لبورسعيد للمساعدة فى تحديد أماكن القوات المعتدية.
7 ـ تذكرت اليوزباشى شرطة مصطفى كمال الصياد وهو من أهالى بورسعيد وكان يتعاون مع المخابرات العامة عامى 1953 ـ 1954 ضد القاعدة البريطانية وتعرفت عليه وتعاملت معه اثناء خدمتى فى مكتب مخابرات الاسماعيلية.. توجهت إلى منزله حيث أخبرنى بأنه نقل خارج بورسعيد منذ سنوات وعاد إليها ليدافع عنها وأنه أعاد الاتصال بالأفراد السابقين الذين كانوا يتعاونون مع المخابرات من قبل وانه يضع نفسه ومجموعة كبيرة من رجال بورسعيد تحت قيادتى للقيام بأى عمل ايجابى وقام بتقديمى إلى أحد أقربائه وهو الاستاذ يحيى الشاعر على انه أحد قادة المقاومة سررت جدا بذلك لأن ذلك سيوفر علينا وقتاً طويلا لإعادة بناء المقاومة السرية من جديد.
8 ـ وصلت دفعة من المتطوعين ممن تم تدريبهم فى معسكر الاسماعيلية وتم ضمهم إلى رجال المقاومة من أهل بورسعيد وقد أرسلت برقية أطلب فيها عدم ارسال متطوعين جدد حيث إن الاعداد هنا كافية لأعمال المقاومة والاقتصار فقط على ارسال شحنات من الأسلحة والذخيرة والمفرقعات.
9 ـ بالرغم من ذلك توالى ارسال متطوعين بصورة تراكمية كان من الصعب إداريا استيعابهم وإيواؤهم فأرسلت برقية أخرى بإيقاف ذلك!! وبالرغم من ذلك فوجئت بوصول دفعة من أفراد يساريين من هواة طبع المنشورات والذين كانوا يوقعون عليها باسم (هاتاشاما) والذين اقتصر عملهم فقط على طبع منشورات تهاجم القوات المعتدية ولم تشكل أى إضافة إيجابية لعمليات المقاومة السرية الجارية!! (والهاتاشاما) هذه هى التى جاء ذكرها فى مقال الاستاذ أحمد رجب فى جريدة العربى يوم 21/6/2009 كما جاء ذكره!!
10 ـ كنت اتصل بالرئاسة فى القاهرة عن طريق جهاز اللاسلكى الذى دخلت به وذلك من أماكن متفرقة من منازل مصطفى الصياد (وبعض الشقق التى تم استئجارها ومن منزل الملازم شرطة محمد سامى خضير (محافظ بورسعيد الأسبق بعد ذلك) والذى كان نعم العون والغطاء للمقاومة حيث ان ضباط الشرطة المصريين كان يصرح لهم بالسير فى شوارع بورسعيد فى أوقات حظر التجول..
ولما وصل إلى جهاز أكبر حجما بصحبة الملازم محمد فرج من سلاح الاشارة تمت تخبئتهما فى منزل يحيى الشاعر أحد قادة المقاومة وهو منزل أخوته ووالدته ايضا..
11 ـ لم يكن من المناسب مهاجمة الدوريات البريطانية الموجودة على ساحل بحيرة المنزلة والتى يتم تهريب السلاح منها.. وقد طلب منى مصطفى الصياد مهاجمة هذه الدوريات على أساس أنها منعزلة ولكننى رفضت ذلك بإصرار!!
وبالرغم من ذلك توجه مصطفى الصياد ومعه كل من/ سيد بكر ـ سيد الكومى ـ محمد تعلب ـ السيد البوحى ـ يحيى النجار ـ كامل فتيح ـ السيد عبدالنبى إلى ساحل البحيرة حوالى الساعة 9 مساء وقاموا بالقضاء على إحدى الدوريات فنتج عنها تعزيز الحراسة وضبط شحنة أسلحة كانت مرسلة الى مما أغضبنى كثيرا!!
وقد اعتذر مصطفى الصياد ووعد بعدم تكرار مخالفة الأوامر!!
12 ـ تم اعتقال 7 من ضباط الصاعقة المصريين فى عيادة الدكتور حسن جودة وهم: الملازمون/ أحمد عببدالله اسماعيل ـ أحمد الطاهر سعد ـ محمد مازن مشرف ـ كامل عزت الأسمر ـ حمدى شلبى ـ حسين مختار ـ محمود عادل أحمد .. وكان هذا الاعتقال بناء على تحريات الميجرجون وليامز ضابط المخابرات البريطانى كما تم تنفيذ الاعتقال بواسطة الملازم أنتونى مورهاوس والذى تم خطفه بعد ذلك.
13 ـ أرسلت مندوبا إلى العميد صلاح الموجى المعتقل بواسطة قوات الغزو الذى أبدى تخوفه من قيام القوات البريطانية باصطحاب الضباط المصريين الأسرى إلى قبرص كما تم مع ضباط الصاعقة السبعة الذين تم اعتقالهم وتم نقلهم إلى قبرص للاستجواب!!
14 ـ أصدرت تعليمات بخطف بعض الضباط البريطانيين للمبادلة بهم بالضباط المصريين.. وفى اليوم التالى قامت مجموعة من المقاومة باختطاف الضابط البريطانى انتونى مورهاوس وهذه المجموعة هي: محمد عبدالرحمن حمد الله ـ طاهر مسعد ـ حسن عثمان ـ أحمد هلال ــ محمد ابراهيم سليمان ـ على زنجير ـ يوسف ابراهيم يوسف ـ ملازم شرطة متطوع عز الدين الأمير.
15 ـ الميجر جون وليامز ضابط المخابرات كان يعمل بالمخابرات البريطانية فى قاعدة القنال قبل الجلاء وكان يجيد اللغة العربية وله علاقات صداقة فى منطقة القنال عاد مع قوات الغزو.. علمت بأنه يبحث عن مصطفى الصياد!! أخبرت مصطفى الصياد بأن يختفى عدة أيام حتى تهدأ الأمور ولكن مصطفى الصياد قال إنه لن يفر أمام وليامز إما يقتله وليامز أو يقتل هو وليامز.
16ـ تم تكليف السيد/ السيد عسران بالتعامل مع وليامز حيث انتظر خروج وليامز بسيارته وتقدم منه رافعا ورقة وكأنها مظلمة وسلمها لوليامز من شباك السيارة وتركها تقع على دواسة السيارة ولما انحنى وليامز لالتقاطها ألقى سيد عسران بقنبلة يدوية داخل السيارة وبادر بالفرار.. انفجرت القنبلة وتوفى وليامز.
17 ـ حضر الصاغ عبدالفتاح أبو الفضل المسئول عن المقاومة على مستوى القنال كلها ومعه الصاغ محمد فايق (وزير الاعلام فيما بعد) إلى بورسعيد ليستعرضوا معى ما تم من عمليات مقاومة والصعوبات التى كنت أواجهها. عاد محمد فايق إلى القاهرة بعد القاء القبض عليه على ساحل المنزلة وكذلك القى القبض على عبدالفتاح أبو الفضل تم أطلقوا سراح محمد فايق وصرحوا له بالسفر للقاهرة أما عبدالفتاح أبو الفضل فعاد إلى بورسعيد مرة أخري.
18 ـ أخيرا قابلت اليوزباشى جلال هريدى قائد الصاعقة وهو دفعتى فى التخرج فى الكلية الحربية واتفقت معه على القيام بعملية مشتركة بين الصاعقة والمقاومة لضرب ملجأ الدبابات البريطانى المعسكر بشارع 23 يوليو أمام مبرة محمد على بطرح البحر وقد اشترك فى هذه العملية من الصاعقة: الملازمون/ إبراهيم الرفاعى ـ نبيل الوقاد ـ محمد أحمد الجيار ـ محمد أحمد وهبى ـ عبدالعزيز منتصر ـ طاهر الأسمر ـ مدحت الدربى ـ سيد حسنين حطبة ـ عصام حسن ابراهيم ـ عبدالمجيد إدريس ـ عبدالجواد الحسينى ـ محمد حسن عبدالحميد ـ فاروق الرفاعى ـ محمد على عبدالفتاح ـ مدحت يوسف ـ حسن محمد السيد ـ وقد استشهد فى هذه المعركة الشاويش رمضان عبدالرازق.
واشترك معهم من رجال المقاومة: السيد عبدالغنى ـ رشاد الطرابيلى ـ السيد البوحى ـ محسن عبدالخالق ـ شعبان عبده ـ كامل فتيح.
ونتج عن هذا الهجوم الليلى تدمير 4 دبابات وسيارتين كاميون وعدد كبير من القتلى والجرحي.
19 ـ هذا هو مختصر لبعض ما تم من عمليات مقاومة سرية لم يتسع الورق للإحاطة بها كلها وبهذه المناسبة أقول إن البطل الحقيقى المقاومة الشعبية ثم المقاومة السرية بعد ذلك بعد الغزو فى بورسعيد عام 1956 هو شعب بورسعيد البطل الذى تحمل عبء العدوان بما قدم من آلاف الشهداء والجرحى والمنازل والممتلكات التى دمرت أثناء الغزو وكذلك المقاومة السرية التى برع فيها بكل الشجاعة والوطنية وهو ما شاهدته وعايشته معهم على مدى 45 يوماً فى ظل الاحتلال!! تحية من القلب إلى الشعب المصرى فى بورسعيد وفى مصر كلها.
20 ـ كتابة التاريخ عملية صعبة جدا تحتاج إلى تدقيق ومراجعة والخروج من إطار وجهات النظر والدوافع الشخصية وتصفية الحسابات!!
ولم يخلق بعد من احتكر الحقيقة المجردة وحده!!!
قائد المقاومة السرية فى بورسعيد عام 1956
جميع أسماء أعضاء المقاومة السرية المسلحة والمقاومة السلبية وتفاصيل تشكيل المجموعات
عندما يكتب "اللواء " سميرمحمد غانم ، مدير عام سابق بالمخابرات العامة المصرية وخبير إستراتيجي ... فتحظي سطوره بأهمة ... نظرا لأنهم يعتمدون علي الخبرة الميدانية الفعملية في مواجهة العدو وجها لوجه ...
لقد كان القائد الميداني للمقاومة السرية في بورسعيد 1956 علاوة علي مشاركته مع عدد من ضباط الجيش والمخابرات العامة من عام 1951 حتي عام 1954 ، في قيادة العمليات الفدائية ضد القوات الأنجليزية في كافة منطقة وقري ومدن منطقة القنال
وسوف أنشر سلسلة مذكراته والتي كتبها بيده عن هذه الفترة
د. يحي الشاعر
بقلم اللواء سمير محمد غانم
العربى 28\6\2009
علم بورسعيد
قرأت مقالا بجريدة العربى بتاريخ 21/6/2009 بعنوان «فى ذكرى الجلاء محاولات مشبوهة لإعادة تمثال ديليسبس إلى بورسعيد» بقلم الاستاذ أحمد رجب وهو مقال مليء بالشعور الوطنى ولكن استرعى انتباهى لفقرة تعرضت للمقاومة السرية فى بورسعيد ضد العدوان الثلاثى عام 1956 تقول «تأسس على الفور العديد من منظمات المقاومة السرية فى بورسعيد توحدت أربع منها فى جبهة المقاومة الشعبية المتحدةضمت أبرز فصائل المقاومة وهى اللجنة العليا للمقاومة الشعبية، الأحرار الانتقاميون، «م. س» المدمرون، واستمرت إلى جانبها فصائل متنوعة للمقاومة
لكن القاهرة رأت ضرورة توحيد هذه الفصائل من المقاومة وقد كان فتأسست هيئة تحرير شعب مصر، والتى يرمز لها بـ «هاتاشاما»، وأشرفت المخابرات العامة المصرية على تأسيسها بقرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر!!! بمناسبة قيادتى للمقاومة السرية فى بورسعيد عام 1956 من قبل المخابرات العامة المصرية بعد احتلال بورسعيد لن أعلق على ما كتب عن المقاومة ولكن لى كلام آخر يتلخص فى الآتي:
1 ـ بعد تأميم قنال السويس فى 26/7/1956 وبدأت انجلترا وفرنسا التحرك ضد مصر قامت المخابرات العامة بقيادة السيد زكريا محيى الدين بتكليف بعض من ضباط المخابرات الذين سبق لهم قيادة الكفاح المسلح ضد القاعدة البريطانية فى القنال عامى 1953 ـ 1954 بإعداد مراكز للمقاومة السرية فى المنطقة حسب الآتي: فى بورسعيد تم انتداب الصاغ يحيى القاضى من القوات المسلحة لقيادة المقاومة السرية بصفته من أهل بورسعيد ـ وفى القنطرة الملازم سلامة عثمان ـ وفى السويس الملازم يحيى راشد ـ وفى الشرقية الصاغ لطفى واكد ـ وفى الاسماعيلية حيث المركز الرئيسى للمقاومة فى القنال كلها وكذلك مركز تدريب للمتطوعين وكان فيه الصاغات/ عبد الفتاح أبو الفضل ـ سعد عفره ـ كمال رفعت ـ اليوزباشى سمير محمد غانم.
2 ـ قبل غزو بورسعيد بحوالى 3 أيام قمت بتسليم الصاغ يحيى القاضى فى بورسعيد حمولة 2 سيارة لورى محملة بالأسلحة والذخيرة والمفرقعات وذلك بحضور السيد حسنى عوض من رجال المخابرات العامة والذى عين مساعدا للصاغ يحيى القاضى وقد رجعت فى اليوم التالى إلى معسكر الاسماعيلية. وقد لاحظت أن الصاغ يحيى القاضى يتجول فى بورسعيد بالملابس العسكرية!!
3 ـ عندما تم احتلال بورسعيد وبورفؤاد انسحب الصاغ يحيى القاضى من بورسعيد وحضر إلينا فى معسكر الاسماعيلية لكى يتفادى اعتقاله من قوات الغزو التى اعتقلت بعض ضباط الجيش المصرى الذين كانوا فى القوات المصرية التى كانت تدافع عن بورسعيد وعلى رأسهم العقيد صلاح الموجى قائد القوات.. وأعتقد ان تعيين الصاغ يحيى القاضى لكى يكون قائدا للمقاومة السرية كان خطأ من وجهة نظر الأمن والعمل السرى لأن المفروض أن قائد المقاومة والقادة الفرعيين لأى مقاومة سرية ألا يكونوا معروفين ولا معروف محل اقامتهم!!
4 ـ لما أصبحت المقاومة السرية فى بورسعيد دون قيادة طلبت من رئيسى المباشر الصاغ حسن حلمى بلبل الموافقة على دخولى بورسعيد لقيادة المقاومة السرية وإمداد الدولة بالمعلومات عن القوات المعتدية وعن بورسعيد فوافق على ذلك.
5 ـ تسللت إلى بورسعيد عن طريق بحيرة المنزلة على إحدى مراكب الريس عبدالمنعم زعزوع ومعى جهاز لاسلكى صغير وقابلت حسنى عوض مساعد الصاغ يحيى القاضى الذى أخبرنى بحقيقة الأوضاع فى بورسعيد وانه لم يبق من رجال المقاومة غير خمسة أفراد فقط وان القوات المعتدية استولت على شحنة الأسلحة التى تم تسليمها لهم من قبل.
6 ـ كتبت تقريراً مفصلاً وكذلك خطة التحرك عن المرحلة التالية وأرسلته إلى الصاغ محمود عبدالناصر ضابط الاتصال برئاسة المخابرات العامة تتلخص فى الآتي:
أ ـ اعداد أماكن ايواء للمتطوعين المزمع احضارهم من خارج بورسعيد وأماكن لاستقبال وتخزين الأسلحة والذخيرة المطلوب تهريبها إلى بورسعيد.
ب ـ تكليف الأفراد الخمسة المتبقين من المقاومة بالعمل للحصول على معلومات عن القوات المعتدية والبحث عن أماكن الايواء والتخزين المطلوبة.
جـ ـ تجنيد أفراد من اهالى بورسعيد ممن يسكنون بجوار المعسكرات والميناء لرصد تحركات القوات وكذلك تجنيد أفراد من أهالى بورسعيد للمقاومة السرية.
د ـ ارسال خرائط لبورسعيد للمساعدة فى تحديد أماكن القوات المعتدية.
7 ـ تذكرت اليوزباشى شرطة مصطفى كمال الصياد وهو من أهالى بورسعيد وكان يتعاون مع المخابرات العامة عامى 1953 ـ 1954 ضد القاعدة البريطانية وتعرفت عليه وتعاملت معه اثناء خدمتى فى مكتب مخابرات الاسماعيلية.. توجهت إلى منزله حيث أخبرنى بأنه نقل خارج بورسعيد منذ سنوات وعاد إليها ليدافع عنها وأنه أعاد الاتصال بالأفراد السابقين الذين كانوا يتعاونون مع المخابرات من قبل وانه يضع نفسه ومجموعة كبيرة من رجال بورسعيد تحت قيادتى للقيام بأى عمل ايجابى وقام بتقديمى إلى أحد أقربائه وهو الاستاذ يحيى الشاعر على انه أحد قادة المقاومة سررت جدا بذلك لأن ذلك سيوفر علينا وقتاً طويلا لإعادة بناء المقاومة السرية من جديد.
8 ـ وصلت دفعة من المتطوعين ممن تم تدريبهم فى معسكر الاسماعيلية وتم ضمهم إلى رجال المقاومة من أهل بورسعيد وقد أرسلت برقية أطلب فيها عدم ارسال متطوعين جدد حيث إن الاعداد هنا كافية لأعمال المقاومة والاقتصار فقط على ارسال شحنات من الأسلحة والذخيرة والمفرقعات.
9 ـ بالرغم من ذلك توالى ارسال متطوعين بصورة تراكمية كان من الصعب إداريا استيعابهم وإيواؤهم فأرسلت برقية أخرى بإيقاف ذلك!! وبالرغم من ذلك فوجئت بوصول دفعة من أفراد يساريين من هواة طبع المنشورات والذين كانوا يوقعون عليها باسم (هاتاشاما) والذين اقتصر عملهم فقط على طبع منشورات تهاجم القوات المعتدية ولم تشكل أى إضافة إيجابية لعمليات المقاومة السرية الجارية!! (والهاتاشاما) هذه هى التى جاء ذكرها فى مقال الاستاذ أحمد رجب فى جريدة العربى يوم 21/6/2009 كما جاء ذكره!!
10 ـ كنت اتصل بالرئاسة فى القاهرة عن طريق جهاز اللاسلكى الذى دخلت به وذلك من أماكن متفرقة من منازل مصطفى الصياد (وبعض الشقق التى تم استئجارها ومن منزل الملازم شرطة محمد سامى خضير (محافظ بورسعيد الأسبق بعد ذلك) والذى كان نعم العون والغطاء للمقاومة حيث ان ضباط الشرطة المصريين كان يصرح لهم بالسير فى شوارع بورسعيد فى أوقات حظر التجول..
ولما وصل إلى جهاز أكبر حجما بصحبة الملازم محمد فرج من سلاح الاشارة تمت تخبئتهما فى منزل يحيى الشاعر أحد قادة المقاومة وهو منزل أخوته ووالدته ايضا..
11 ـ لم يكن من المناسب مهاجمة الدوريات البريطانية الموجودة على ساحل بحيرة المنزلة والتى يتم تهريب السلاح منها.. وقد طلب منى مصطفى الصياد مهاجمة هذه الدوريات على أساس أنها منعزلة ولكننى رفضت ذلك بإصرار!!
وبالرغم من ذلك توجه مصطفى الصياد ومعه كل من/ سيد بكر ـ سيد الكومى ـ محمد تعلب ـ السيد البوحى ـ يحيى النجار ـ كامل فتيح ـ السيد عبدالنبى إلى ساحل البحيرة حوالى الساعة 9 مساء وقاموا بالقضاء على إحدى الدوريات فنتج عنها تعزيز الحراسة وضبط شحنة أسلحة كانت مرسلة الى مما أغضبنى كثيرا!!
وقد اعتذر مصطفى الصياد ووعد بعدم تكرار مخالفة الأوامر!!
12 ـ تم اعتقال 7 من ضباط الصاعقة المصريين فى عيادة الدكتور حسن جودة وهم: الملازمون/ أحمد عببدالله اسماعيل ـ أحمد الطاهر سعد ـ محمد مازن مشرف ـ كامل عزت الأسمر ـ حمدى شلبى ـ حسين مختار ـ محمود عادل أحمد .. وكان هذا الاعتقال بناء على تحريات الميجرجون وليامز ضابط المخابرات البريطانى كما تم تنفيذ الاعتقال بواسطة الملازم أنتونى مورهاوس والذى تم خطفه بعد ذلك.
13 ـ أرسلت مندوبا إلى العميد صلاح الموجى المعتقل بواسطة قوات الغزو الذى أبدى تخوفه من قيام القوات البريطانية باصطحاب الضباط المصريين الأسرى إلى قبرص كما تم مع ضباط الصاعقة السبعة الذين تم اعتقالهم وتم نقلهم إلى قبرص للاستجواب!!
14 ـ أصدرت تعليمات بخطف بعض الضباط البريطانيين للمبادلة بهم بالضباط المصريين.. وفى اليوم التالى قامت مجموعة من المقاومة باختطاف الضابط البريطانى انتونى مورهاوس وهذه المجموعة هي: محمد عبدالرحمن حمد الله ـ طاهر مسعد ـ حسن عثمان ـ أحمد هلال ــ محمد ابراهيم سليمان ـ على زنجير ـ يوسف ابراهيم يوسف ـ ملازم شرطة متطوع عز الدين الأمير.
15 ـ الميجر جون وليامز ضابط المخابرات كان يعمل بالمخابرات البريطانية فى قاعدة القنال قبل الجلاء وكان يجيد اللغة العربية وله علاقات صداقة فى منطقة القنال عاد مع قوات الغزو.. علمت بأنه يبحث عن مصطفى الصياد!! أخبرت مصطفى الصياد بأن يختفى عدة أيام حتى تهدأ الأمور ولكن مصطفى الصياد قال إنه لن يفر أمام وليامز إما يقتله وليامز أو يقتل هو وليامز.
16ـ تم تكليف السيد/ السيد عسران بالتعامل مع وليامز حيث انتظر خروج وليامز بسيارته وتقدم منه رافعا ورقة وكأنها مظلمة وسلمها لوليامز من شباك السيارة وتركها تقع على دواسة السيارة ولما انحنى وليامز لالتقاطها ألقى سيد عسران بقنبلة يدوية داخل السيارة وبادر بالفرار.. انفجرت القنبلة وتوفى وليامز.
17 ـ حضر الصاغ عبدالفتاح أبو الفضل المسئول عن المقاومة على مستوى القنال كلها ومعه الصاغ محمد فايق (وزير الاعلام فيما بعد) إلى بورسعيد ليستعرضوا معى ما تم من عمليات مقاومة والصعوبات التى كنت أواجهها. عاد محمد فايق إلى القاهرة بعد القاء القبض عليه على ساحل المنزلة وكذلك القى القبض على عبدالفتاح أبو الفضل تم أطلقوا سراح محمد فايق وصرحوا له بالسفر للقاهرة أما عبدالفتاح أبو الفضل فعاد إلى بورسعيد مرة أخري.
18 ـ أخيرا قابلت اليوزباشى جلال هريدى قائد الصاعقة وهو دفعتى فى التخرج فى الكلية الحربية واتفقت معه على القيام بعملية مشتركة بين الصاعقة والمقاومة لضرب ملجأ الدبابات البريطانى المعسكر بشارع 23 يوليو أمام مبرة محمد على بطرح البحر وقد اشترك فى هذه العملية من الصاعقة: الملازمون/ إبراهيم الرفاعى ـ نبيل الوقاد ـ محمد أحمد الجيار ـ محمد أحمد وهبى ـ عبدالعزيز منتصر ـ طاهر الأسمر ـ مدحت الدربى ـ سيد حسنين حطبة ـ عصام حسن ابراهيم ـ عبدالمجيد إدريس ـ عبدالجواد الحسينى ـ محمد حسن عبدالحميد ـ فاروق الرفاعى ـ محمد على عبدالفتاح ـ مدحت يوسف ـ حسن محمد السيد ـ وقد استشهد فى هذه المعركة الشاويش رمضان عبدالرازق.
واشترك معهم من رجال المقاومة: السيد عبدالغنى ـ رشاد الطرابيلى ـ السيد البوحى ـ محسن عبدالخالق ـ شعبان عبده ـ كامل فتيح.
ونتج عن هذا الهجوم الليلى تدمير 4 دبابات وسيارتين كاميون وعدد كبير من القتلى والجرحي.
19 ـ هذا هو مختصر لبعض ما تم من عمليات مقاومة سرية لم يتسع الورق للإحاطة بها كلها وبهذه المناسبة أقول إن البطل الحقيقى المقاومة الشعبية ثم المقاومة السرية بعد ذلك بعد الغزو فى بورسعيد عام 1956 هو شعب بورسعيد البطل الذى تحمل عبء العدوان بما قدم من آلاف الشهداء والجرحى والمنازل والممتلكات التى دمرت أثناء الغزو وكذلك المقاومة السرية التى برع فيها بكل الشجاعة والوطنية وهو ما شاهدته وعايشته معهم على مدى 45 يوماً فى ظل الاحتلال!! تحية من القلب إلى الشعب المصرى فى بورسعيد وفى مصر كلها.
20 ـ كتابة التاريخ عملية صعبة جدا تحتاج إلى تدقيق ومراجعة والخروج من إطار وجهات النظر والدوافع الشخصية وتصفية الحسابات!!
ولم يخلق بعد من احتكر الحقيقة المجردة وحده!!!
قائد المقاومة السرية فى بورسعيد عام 1956
جميع أسماء أعضاء المقاومة السرية المسلحة والمقاومة السلبية وتفاصيل تشكيل المجموعات
عندما يكتب "اللواء " سميرمحمد غانم ، مدير عام سابق بالمخابرات العامة المصرية وخبير إستراتيجي ... فتحظي سطوره بأهمة ... نظرا لأنهم يعتمدون علي الخبرة الميدانية الفعملية في مواجهة العدو وجها لوجه ...
لقد كان القائد الميداني للمقاومة السرية في بورسعيد 1956 علاوة علي مشاركته مع عدد من ضباط الجيش والمخابرات العامة من عام 1951 حتي عام 1954 ، في قيادة العمليات الفدائية ضد القوات الأنجليزية في كافة منطقة وقري ومدن منطقة القنال
وسوف أنشر سلسلة مذكراته والتي كتبها بيده عن هذه الفترة
د. يحي الشاعر