المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقده الرئيس جمال عبد الناصر بخصوص إعلان تأميم قناة السويس ١٢/٨/١٩٥٦
لا يمكن ، التطرق إلي تاريخ قناة السويس ... دون التطرق إلي التصريحات المصرية الرسمية ، التي كان العالم أجمعه ، ينتظرهم ...
يخطيء الكثير ، عندما يقولوا ..ز قامت مصر بتأميم قناة السويس ...
قناة السويس .. هي قطعة جغرافية من أرض مصر وتخضع لسيادة الدولة المصرية ...
ما أعلنه جمال عبدالناصر يوم 26 يوليو 1956 ، هو تأميم "الشركة العالمية لقناة السويس البحرية" ... وما تلي ذلك ... من التعويض علي لأسهم بقيمة "البورصة" في باريس ... وما إكتشفته إنجلترا وفرنسا من خسارة ضخمة لمصالحهم المادية ...
قامت مصر بمجهود إعلامي ضخم ، لتشرح للعالم أجمع ، حقها في تأميم "الشركة الفرنسية" ...
وعقد جمال عبدالناصر مؤتمرا صحفيا يوم ١٢/٨/١٩٥٦ يشرح خلاله للعالم ... موقف وحقوق مصر في التأميم
ولكن ذلك لم يجدي ...
فكان التآمر مع إسرائيل ... وكان ... الهجوم الأسرائيلي "لإجتذاب الجيش المصري إلي سيناء" وحرب العدوان الثلاثي 1956 ... وكان الأنذار الأنجلوفرنسي .. (بتراجع القوات المتحاربة إلي بعد 10 أميال من ضفتي قناة السويس) مما يعني واقعيا ..
1 - تراجع وإنسحاب القوات المصرية إلي 10 أميال من الضفة الغربية لقناة السويس
2 - تقدم القوات الأسرائيلية "دون قتال" إلي 10 أميال من الضفة الشرقية لقناة السويس
د. يحي الشاعر
"............
المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقده الرئيس جمال عبد الناصر بخصوص إعلان تأميم قناة السويس ١٢/٨/١٩٥٦
* الرئيس: إن إعلان تأميم القناة فجأة كان تفادياً للمؤامرة المدبرة لمد امتياز الشركة المؤممة، ومصر ترى وجوب حل كل مشكلة بطريق المفاوضة، ونحن على استعداد للتعاون مع أى دولة.
إن القومية العربية هى القوة الحاسمة فى المنطقة الآن، وإليها يرجع إجماع العرب فى تأييد مصر. ونحن مستعدون لمواجهة أى تحد، وسيدافع الشعب عن حقوقه وسيادته إلى النهاية، ويجب أن نعتمد على أنفسنا، ولن نعرض الأمر على مجلس الأمن.
ومصر لا تعارض إعطاء ضمان حرية الملاحة فى القناة، ولكنها تعارض سيطرة الاستعمار؛ حيث إن انخفاض مستوى المعيشة فى مصر يرجع إلى الاستعمار، وأنه لابد من بذل مجهود ضخم لرفعه.
إن دخل القناة يكفى لتنفيذ مشروعاتنا، ولا حاجة إلى زيادة رسوم المرور فى القناة، وقد قررنا تنفيذ مشروع تحسين القناة الذى كانت الشركة قد اقترحته علينا قبل التأميم.
ولابد لمصر أن تصمد فى وجه التهديدات، إن قضيتنا هى قضية جميع الدول المناضلة فى سبيل حقها فى الحرية والاستقلال. لقد أممنا القناة، ولمَ لا نؤممها؟! إن القناة مصرية.. إنها جزء من أراضينا ومن حقنا أن نؤممها. إن الصحف البريطانية تقول: لقد خطف ناصر القناة. والواقع هو أن الدول الاستعمارية هى التى كانت قد خطفت من حصتها من الأسهم، وكانت تبلغ هذه الحصة ٤٤% من مجموع الأسهم.
ويريدون تأليف لجنة دولية لضمان حرية الملاحة، ولكن ما الداعى لتأليف هذه اللجنة، وقد قامت مصر دائماً بضمان حرية الملاحة فى القناة؟ ثم ما فائدة اللجنة الدولية؟ وكيف تستطيع ضمان حرية الملاحة إذا كان الشعب المصرى لا يضمنها؟ إن هذا غير ممكن من الناحية العملية، إذ كيف تستطيع اللجنة حراسة القناة على طولها إذا لم يكن الشعب المصرى مستعداً لحمايتها؟ أو لم تضمن مصر حرية الملاحة فى أثناء الحرب العالمية الثانية؟!
إن دخل الشركة السنوى بلغ عام ١٩٥٥ أربعة وثلاثين مليوناً من الجنيهات، ووزعت عشرة ملايين جنيه أرباحاً على المساهمين، كما وزعت خمسة ملايين ونصف مليون جنيه هبات. وقد قررنا أخذ الأرباح بعد تعويض حملة الأسهم، وستستخدم هذه الأرباح لا فى بناء القصور، بل فى بناء مشروعات تكفل الرفاهية للشعب المصرى.
وبالنسبة إلى عرض شركة القناة الذى كانت قد تقدمت به إلى الحكومة المصرية لتحسين القناة، واشترطت فيه أن تساهم مصر بنصف التكاليف، أو تمد امتياز الشركة لمدة عشرين عاماً؛ فإن مصر ستنفذ هذا المشروع كاملاً الآن بعد التأميم. وإنى أتحدى أى إنسان يستطيع أن يبين أن مصر قد خرقت اتفاقية حرية الملاحة فى يوم من الأيام، ولكن ما يقال فى هذا الموضوع لا يهدف إلا إلى تضليل الرأى العام العالمى.
لقد كنا على استعداد لأن نذهب إلى أى مكان للمحافظة على السلام العالمى، ولكننا فوجئنا بالتهديدات والإجراءات العسكرية، وبالتصريحات التى عبر فيها بعض الأقطاب عن عدم ثقتهم بجمال عبد الناصر. ما الفائدة إذن من الكلام أو المفاوضة إذا كانت الثقة منعدمة؟ إن ردنا الوحيد هو عدم الاشتراك فى المؤتمر الذى دعوا إليه.
نحن دولة صغيرة، هذا صحيح، ولكننا مع ذلك سندافع عن حقوقنا؛ لأننا إذا استسلمنا للتهديد فإن ذلك سيشعر جميع الدول الصغيرة الأخرى بأنها لا تستطيع أن تحقق الحرية والاستقلال. إن هذه القضية ليست قضية مصر فحسب؛ بل هى قضية جميع الدول الصغيرة التى تناضل فى سبيل الحرية والاستقلال.
إننا عازمون على المحافظة على كرامتنا وسيادتنا واستقلالنا ضد الاستعمار الجماعى والاستعمار المقنع، إن من يبدأ حرباً لا يستطيع أن يتكهن كيف ستنتهى تلك الحرب.
- سؤال: ما الذى دعا مصر إلى إعلان تأميم قناة السويس فجأة؟ ولماذا لم تخبر الدول الرئيسية باعتزامها اتخاذ هذا الإجراء؟
* الرئيس: كنا نشعر بأن هناك مؤامرة لمد امتياز الشركة، ولو أخطرنا هذه الدول لكنا تعرضنا لمختلف أنواع الضغط.
- سؤال: هل مازال الباب مفتوحاً للتفاهم مع الدول الغربية برغم الهجمات العنيفة التى قامت بها بعضها؟
* الرئيس: إننا برغم هذه الهجمات نعتقد أن أية مشكلة يجب أن تحل عن طريق المفاوضات.
- سؤال: هل فى النية تأميم شركات البترول فى البلدان العربية؟
* الرئيس: الكلام عن تأميم البترول فى البلاد العربية يعد تدخلاً فى شئونها الداخلية، ومصر ثابتة على مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.
إن ما قيل عن تدخل مصر فى موقف الأردن - وفى طرد "جلوب" منه - ليس سوى كلام فارغ، فنحن قد أوضحنا رأينا فى هذه المسائل، كما أوضحنا رأينا فى حلف بغداد وقررنا عدم الانضمام إليه، وأوضحنا الأسباب، ولكننا لا نتدخل فى الشئون الداخلية للآخرين، وكل ما فى الأمر أن الصحف البريطانية تكتب للإثارة، ولتضليل الرأى العام البريطانى.
- سؤال: ماذا عن تأجيل زيارتكم للاتحاد السوفيتى، وعن الموعد الذى حدد لهذه الزيارة؟
* الرئيس: إن موعد الزيارة لم يحدد بعد، إن مصر مستعدة دائماً للتعاون مع أية دولة؛ لأن مصردولة صغيرة، ومن مصلحتها أن تتعاون مع جميع الدول.
- سؤال: هل جدد الاتحاد السوفيتى عرضه الخاص بتمويل السد العالى؟ وما موقف مصر من هذا العرض؟
* الرئيس: تحدثت فى خطابى يوم ٢٦ يوليو عن تقدم الاتحاد السوفيتى بعرض لتمويل السد العالى، ولكن مصر قررت تمويله من دخل القناة بعد تأميمها.
- سؤال: ماذا عن الخطة التى وضعت لإعلان الإضراب العام فى البلاد العربية؟
* الرئيس: ما معنى الخطة الموضوعة؟ ومن يستطيع أن يضع مثل هذه الخطة؟ إنه لابد أن يكون نابغة، ولكن هناك حقيقة كبرى لم يدركها من يفسرون أحداث الشرق الأوسط؛ وهذه الحقيقة هى أن القومية العربية بدأت تتحرك، وهذه القومية العربية هى ذلك المدبر النابغة، هى واضعة تلك الخطط، ولا شك فى أن القومية العربية تنبع من قلوب العرب، ولا يستطيع أحد أن يدبر مثل هذا الشعور.. الشعور بأننا نريد أن نكون أحراراً؛ ولذلك فالقومية العربية اليوم هى أمل كل عربى.
- سؤال: ماذا عن موقفكم من تأميم بقية الممرات المائية فى العالم؟
* الرئيس: لا يعنينى فى الوقت الحاضر سوى قناة السويس، وشركة قناة السويس.
- سؤال: ماذا عن عدد القوات المصرية التى تعد عسكرياً الآن؟
* الرئيس: إننا نستعد الآن لمواجهة أى هجوم، ولكنى لا أستطيع أن أذكر أرقاماً عن قواتنا.
- سؤال: ما رأيكم فى استعداد العرب لتدمير أنابيب البترول والمطارات الأجنبية تأييداً لموقف مصر؟
* الرئيس: كيف أستطيع الإجابة عن مثل هذا السؤال؟! إن العرب إذا أرادوا تدمير أنابيب البترول فلن يسألونى فى ذلك؛ فالقومية العربية هى التى تقرر كل شىء.
- سؤال: ماذا عن موقف مصر من التهديدات العسكرية؟
* الرئيس: لابد لنا من أن نحافظ على حقوقنا، وكرامتنا، وسيادتنا، وسندافع عن أنفسنا حتى آخر قطرة من دمائنا.
- سؤال: ماذا عن موظفى الشركة من الأجانب، وعن المادة التى تضمنها قانون تأميم القناة بشأن عدم جواز استقالة الموظفين من الشركة دون سابق إنذار؟
* الرئيس: إن للموظفين كامل الحرية فى الاستقالة، ولكننا اشترطنا عليهم إنذارنا برغبتهم فى الاستقالة؛ لأننا كنا نخشى أن تحاك مؤامرة لتعطيل الملاحة فى القناة عن طريق استقالة موظفى الشركة دون إنذار، وأردنا بذلك ضمان حرية الملاحة بالقناة.
- سؤال: هل تعتزم مصر زيادة رسوم السفن فى القناة؟
* الرئيس: إن مصر ليست فى حاجة إلى زيادة الرسوم؛ لأن الربح سيزداد بازدياد حركة مرور السفن فى القناة، وازدياد هذه الحركة واضح. إن ما نحصل عليه من دخل من القناة يكفينا لبناء مشروعاتنا، وستعود هذه المشروعات بدورها علينا بالأرباح.
- سؤال: ما سبب عدم دعوة البلدان العربية لمؤتمر لندن؟
* الرئيس: إن الدعوات قد وجهت دون استشارة مصر، ولكن مصر قد دعيت؛ لأن الذين قرروا عقد المؤتمر يعلمون يقيناً أنه لا يمكن تحقيق أى شىء دون موافقة مصر.
- سؤال: ماذا إذا كانت الدول الإسلامية ترضى بأن تسيطر عليها دول غير إسلامية؟
* الرئيس: إن كل الشعوب تريد أن تعيش حرة مستقلة، والمسألة ليست مسألة دين، بل مسألة إنسانية، وتعطش إلى الحرية والاستقلال، فالمسلم إنسان قبل أن يكون مسلماً، والأمر كذلك بالنسبة لكل الأديان.
- سؤال: هل أنت دكتاتور حقاً؟
* الرئيس: لا أدرى، فلك أن تحكم بنفسك، وقد قيل عنى فى الصحف الأجنبية إنى دكتاتور، بل وقيل عنى إنى فرعون، والدكتاتور هو الذى يحكم بلاده برغم شعبه، ولك أن تتبين بنفسك ما إذا كان الحال كذلك فى مصر أم لا!
- سؤال: ما رأيكم فى تأميم البترول فى البلدان العربية؟
* الرئيس: ليس لى أن أقرر شيئاً فى هذا الموضوع، بل الأمر متروك للدول العربية المختصة تقرر فيه ما تشاء، وكل ما أستطيع أن أقوله هو أننا قبل تأميمنا للقناة قد تأكدنا من أننا نستطيع إدارتها بأنفسنا إدارة كاملة.
- سؤال: ماذا عن تاريخ نشأة فكرة تأميم القناة؟
* الرئيس: لقد بدأنا نفكر فى القناة منذ عامين ونصف عام؛ فقد كان المفروض أن تنشأ القناة لخدمة مصر، ولكن الآية عُكست؛ فأصبحت مصر هى الخادمة للقناة، وإننا لم نقرر تأميم القناة إلا بعد رفض الغرب تمويل مشروع السد العالى. ونحن نرى اليوم أننا نستطيع أن نبنى السد العالى بأنفسنا وبمواردنا، إن شعبنا الذى بنى الهرم يستطيع أن يبنى السد العالى، ولكنه فى هذه المرة سيقوم ببناء مشروعات لصالحه، تحقق له وللأجيال القادمة الرفاهية، بدلاً من أن يسخر فى بناء القصور كما كان يفعل فى الماضى.
ولا بد لمصر أن تقوم بمجهود إنتاجى ضخم؛ لرفع مستوى معيشة الشعب المصرى. إن عددنا سيصبح ٤٥ مليوناً فى خلال الثلاثين عاماً القادمة، ومعنى ذلك أنه يجب علينا أن نعمل دون كلل؛ لرفع مستوى المعيشة الذى وصل إلى هذا الحد من الانخفاض بسبب الاستعمار.
- سؤال: إنك أعطيت ضماناً بحرية الملاحة، ولكن الحكومات تتغير، فماذا يضمن استمرار ضمان حرية الملاحة فى القناة؟
* الرئيس: لقد أوضحت فى بيانى أننا لا نعارض فى إعطاء ضمان لحرية الملاحة؛ ولكننا ضد الاستعمار الجماعى الذى يريد أن يفرض سيطرته علينا، وتبرير هذه السيطرة بضرورة ضمان حرية الملاحة.
- سؤال: هل صحيح أن روسيا عرضت على مصر مساعدة عسكرية؟ وما هو موقف مصر من هذا العرض؟
(لم يجب الرئيس عن هذا السؤال).
- سؤال: ما هو التاريخ الذى حددتموه لعقد المؤتمر الدولى الذى تقترحونه؟
* الرئيس: يمكن أن يعقد هذا المؤتمر فى أى وقت، إنها مسألة اتفاق، ونحن لسنا قلقين، إن التهديدات العسكرية التى توجه لمصر إنما تستهدف تخويف الشعب المصرى وإفقاره، ولكن الشعب قد عزم على أن يدافع عن حقوقه، وسيادته، وكرامته حتى النهاية.
........."
يحى الشاعر
لا يمكن ، التطرق إلي تاريخ قناة السويس ... دون التطرق إلي التصريحات المصرية الرسمية ، التي كان العالم أجمعه ، ينتظرهم ...
يخطيء الكثير ، عندما يقولوا ..ز قامت مصر بتأميم قناة السويس ...
قناة السويس .. هي قطعة جغرافية من أرض مصر وتخضع لسيادة الدولة المصرية ...
ما أعلنه جمال عبدالناصر يوم 26 يوليو 1956 ، هو تأميم "الشركة العالمية لقناة السويس البحرية" ... وما تلي ذلك ... من التعويض علي لأسهم بقيمة "البورصة" في باريس ... وما إكتشفته إنجلترا وفرنسا من خسارة ضخمة لمصالحهم المادية ...
قامت مصر بمجهود إعلامي ضخم ، لتشرح للعالم أجمع ، حقها في تأميم "الشركة الفرنسية" ...
وعقد جمال عبدالناصر مؤتمرا صحفيا يوم ١٢/٨/١٩٥٦ يشرح خلاله للعالم ... موقف وحقوق مصر في التأميم
ولكن ذلك لم يجدي ...
فكان التآمر مع إسرائيل ... وكان ... الهجوم الأسرائيلي "لإجتذاب الجيش المصري إلي سيناء" وحرب العدوان الثلاثي 1956 ... وكان الأنذار الأنجلوفرنسي .. (بتراجع القوات المتحاربة إلي بعد 10 أميال من ضفتي قناة السويس) مما يعني واقعيا ..
1 - تراجع وإنسحاب القوات المصرية إلي 10 أميال من الضفة الغربية لقناة السويس
2 - تقدم القوات الأسرائيلية "دون قتال" إلي 10 أميال من الضفة الشرقية لقناة السويس
د. يحي الشاعر
"............
المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقده الرئيس جمال عبد الناصر بخصوص إعلان تأميم قناة السويس ١٢/٨/١٩٥٦
* الرئيس: إن إعلان تأميم القناة فجأة كان تفادياً للمؤامرة المدبرة لمد امتياز الشركة المؤممة، ومصر ترى وجوب حل كل مشكلة بطريق المفاوضة، ونحن على استعداد للتعاون مع أى دولة.
إن القومية العربية هى القوة الحاسمة فى المنطقة الآن، وإليها يرجع إجماع العرب فى تأييد مصر. ونحن مستعدون لمواجهة أى تحد، وسيدافع الشعب عن حقوقه وسيادته إلى النهاية، ويجب أن نعتمد على أنفسنا، ولن نعرض الأمر على مجلس الأمن.
ومصر لا تعارض إعطاء ضمان حرية الملاحة فى القناة، ولكنها تعارض سيطرة الاستعمار؛ حيث إن انخفاض مستوى المعيشة فى مصر يرجع إلى الاستعمار، وأنه لابد من بذل مجهود ضخم لرفعه.
إن دخل القناة يكفى لتنفيذ مشروعاتنا، ولا حاجة إلى زيادة رسوم المرور فى القناة، وقد قررنا تنفيذ مشروع تحسين القناة الذى كانت الشركة قد اقترحته علينا قبل التأميم.
ولابد لمصر أن تصمد فى وجه التهديدات، إن قضيتنا هى قضية جميع الدول المناضلة فى سبيل حقها فى الحرية والاستقلال. لقد أممنا القناة، ولمَ لا نؤممها؟! إن القناة مصرية.. إنها جزء من أراضينا ومن حقنا أن نؤممها. إن الصحف البريطانية تقول: لقد خطف ناصر القناة. والواقع هو أن الدول الاستعمارية هى التى كانت قد خطفت من حصتها من الأسهم، وكانت تبلغ هذه الحصة ٤٤% من مجموع الأسهم.
ويريدون تأليف لجنة دولية لضمان حرية الملاحة، ولكن ما الداعى لتأليف هذه اللجنة، وقد قامت مصر دائماً بضمان حرية الملاحة فى القناة؟ ثم ما فائدة اللجنة الدولية؟ وكيف تستطيع ضمان حرية الملاحة إذا كان الشعب المصرى لا يضمنها؟ إن هذا غير ممكن من الناحية العملية، إذ كيف تستطيع اللجنة حراسة القناة على طولها إذا لم يكن الشعب المصرى مستعداً لحمايتها؟ أو لم تضمن مصر حرية الملاحة فى أثناء الحرب العالمية الثانية؟!
إن دخل الشركة السنوى بلغ عام ١٩٥٥ أربعة وثلاثين مليوناً من الجنيهات، ووزعت عشرة ملايين جنيه أرباحاً على المساهمين، كما وزعت خمسة ملايين ونصف مليون جنيه هبات. وقد قررنا أخذ الأرباح بعد تعويض حملة الأسهم، وستستخدم هذه الأرباح لا فى بناء القصور، بل فى بناء مشروعات تكفل الرفاهية للشعب المصرى.
وبالنسبة إلى عرض شركة القناة الذى كانت قد تقدمت به إلى الحكومة المصرية لتحسين القناة، واشترطت فيه أن تساهم مصر بنصف التكاليف، أو تمد امتياز الشركة لمدة عشرين عاماً؛ فإن مصر ستنفذ هذا المشروع كاملاً الآن بعد التأميم. وإنى أتحدى أى إنسان يستطيع أن يبين أن مصر قد خرقت اتفاقية حرية الملاحة فى يوم من الأيام، ولكن ما يقال فى هذا الموضوع لا يهدف إلا إلى تضليل الرأى العام العالمى.
لقد كنا على استعداد لأن نذهب إلى أى مكان للمحافظة على السلام العالمى، ولكننا فوجئنا بالتهديدات والإجراءات العسكرية، وبالتصريحات التى عبر فيها بعض الأقطاب عن عدم ثقتهم بجمال عبد الناصر. ما الفائدة إذن من الكلام أو المفاوضة إذا كانت الثقة منعدمة؟ إن ردنا الوحيد هو عدم الاشتراك فى المؤتمر الذى دعوا إليه.
نحن دولة صغيرة، هذا صحيح، ولكننا مع ذلك سندافع عن حقوقنا؛ لأننا إذا استسلمنا للتهديد فإن ذلك سيشعر جميع الدول الصغيرة الأخرى بأنها لا تستطيع أن تحقق الحرية والاستقلال. إن هذه القضية ليست قضية مصر فحسب؛ بل هى قضية جميع الدول الصغيرة التى تناضل فى سبيل الحرية والاستقلال.
إننا عازمون على المحافظة على كرامتنا وسيادتنا واستقلالنا ضد الاستعمار الجماعى والاستعمار المقنع، إن من يبدأ حرباً لا يستطيع أن يتكهن كيف ستنتهى تلك الحرب.
- سؤال: ما الذى دعا مصر إلى إعلان تأميم قناة السويس فجأة؟ ولماذا لم تخبر الدول الرئيسية باعتزامها اتخاذ هذا الإجراء؟
* الرئيس: كنا نشعر بأن هناك مؤامرة لمد امتياز الشركة، ولو أخطرنا هذه الدول لكنا تعرضنا لمختلف أنواع الضغط.
- سؤال: هل مازال الباب مفتوحاً للتفاهم مع الدول الغربية برغم الهجمات العنيفة التى قامت بها بعضها؟
* الرئيس: إننا برغم هذه الهجمات نعتقد أن أية مشكلة يجب أن تحل عن طريق المفاوضات.
- سؤال: هل فى النية تأميم شركات البترول فى البلدان العربية؟
* الرئيس: الكلام عن تأميم البترول فى البلاد العربية يعد تدخلاً فى شئونها الداخلية، ومصر ثابتة على مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.
إن ما قيل عن تدخل مصر فى موقف الأردن - وفى طرد "جلوب" منه - ليس سوى كلام فارغ، فنحن قد أوضحنا رأينا فى هذه المسائل، كما أوضحنا رأينا فى حلف بغداد وقررنا عدم الانضمام إليه، وأوضحنا الأسباب، ولكننا لا نتدخل فى الشئون الداخلية للآخرين، وكل ما فى الأمر أن الصحف البريطانية تكتب للإثارة، ولتضليل الرأى العام البريطانى.
- سؤال: ماذا عن تأجيل زيارتكم للاتحاد السوفيتى، وعن الموعد الذى حدد لهذه الزيارة؟
* الرئيس: إن موعد الزيارة لم يحدد بعد، إن مصر مستعدة دائماً للتعاون مع أية دولة؛ لأن مصردولة صغيرة، ومن مصلحتها أن تتعاون مع جميع الدول.
- سؤال: هل جدد الاتحاد السوفيتى عرضه الخاص بتمويل السد العالى؟ وما موقف مصر من هذا العرض؟
* الرئيس: تحدثت فى خطابى يوم ٢٦ يوليو عن تقدم الاتحاد السوفيتى بعرض لتمويل السد العالى، ولكن مصر قررت تمويله من دخل القناة بعد تأميمها.
- سؤال: ماذا عن الخطة التى وضعت لإعلان الإضراب العام فى البلاد العربية؟
* الرئيس: ما معنى الخطة الموضوعة؟ ومن يستطيع أن يضع مثل هذه الخطة؟ إنه لابد أن يكون نابغة، ولكن هناك حقيقة كبرى لم يدركها من يفسرون أحداث الشرق الأوسط؛ وهذه الحقيقة هى أن القومية العربية بدأت تتحرك، وهذه القومية العربية هى ذلك المدبر النابغة، هى واضعة تلك الخطط، ولا شك فى أن القومية العربية تنبع من قلوب العرب، ولا يستطيع أحد أن يدبر مثل هذا الشعور.. الشعور بأننا نريد أن نكون أحراراً؛ ولذلك فالقومية العربية اليوم هى أمل كل عربى.
- سؤال: ماذا عن موقفكم من تأميم بقية الممرات المائية فى العالم؟
* الرئيس: لا يعنينى فى الوقت الحاضر سوى قناة السويس، وشركة قناة السويس.
- سؤال: ماذا عن عدد القوات المصرية التى تعد عسكرياً الآن؟
* الرئيس: إننا نستعد الآن لمواجهة أى هجوم، ولكنى لا أستطيع أن أذكر أرقاماً عن قواتنا.
- سؤال: ما رأيكم فى استعداد العرب لتدمير أنابيب البترول والمطارات الأجنبية تأييداً لموقف مصر؟
* الرئيس: كيف أستطيع الإجابة عن مثل هذا السؤال؟! إن العرب إذا أرادوا تدمير أنابيب البترول فلن يسألونى فى ذلك؛ فالقومية العربية هى التى تقرر كل شىء.
- سؤال: ماذا عن موقف مصر من التهديدات العسكرية؟
* الرئيس: لابد لنا من أن نحافظ على حقوقنا، وكرامتنا، وسيادتنا، وسندافع عن أنفسنا حتى آخر قطرة من دمائنا.
- سؤال: ماذا عن موظفى الشركة من الأجانب، وعن المادة التى تضمنها قانون تأميم القناة بشأن عدم جواز استقالة الموظفين من الشركة دون سابق إنذار؟
* الرئيس: إن للموظفين كامل الحرية فى الاستقالة، ولكننا اشترطنا عليهم إنذارنا برغبتهم فى الاستقالة؛ لأننا كنا نخشى أن تحاك مؤامرة لتعطيل الملاحة فى القناة عن طريق استقالة موظفى الشركة دون إنذار، وأردنا بذلك ضمان حرية الملاحة بالقناة.
- سؤال: هل تعتزم مصر زيادة رسوم السفن فى القناة؟
* الرئيس: إن مصر ليست فى حاجة إلى زيادة الرسوم؛ لأن الربح سيزداد بازدياد حركة مرور السفن فى القناة، وازدياد هذه الحركة واضح. إن ما نحصل عليه من دخل من القناة يكفينا لبناء مشروعاتنا، وستعود هذه المشروعات بدورها علينا بالأرباح.
- سؤال: ما سبب عدم دعوة البلدان العربية لمؤتمر لندن؟
* الرئيس: إن الدعوات قد وجهت دون استشارة مصر، ولكن مصر قد دعيت؛ لأن الذين قرروا عقد المؤتمر يعلمون يقيناً أنه لا يمكن تحقيق أى شىء دون موافقة مصر.
- سؤال: ماذا إذا كانت الدول الإسلامية ترضى بأن تسيطر عليها دول غير إسلامية؟
* الرئيس: إن كل الشعوب تريد أن تعيش حرة مستقلة، والمسألة ليست مسألة دين، بل مسألة إنسانية، وتعطش إلى الحرية والاستقلال، فالمسلم إنسان قبل أن يكون مسلماً، والأمر كذلك بالنسبة لكل الأديان.
- سؤال: هل أنت دكتاتور حقاً؟
* الرئيس: لا أدرى، فلك أن تحكم بنفسك، وقد قيل عنى فى الصحف الأجنبية إنى دكتاتور، بل وقيل عنى إنى فرعون، والدكتاتور هو الذى يحكم بلاده برغم شعبه، ولك أن تتبين بنفسك ما إذا كان الحال كذلك فى مصر أم لا!
- سؤال: ما رأيكم فى تأميم البترول فى البلدان العربية؟
* الرئيس: ليس لى أن أقرر شيئاً فى هذا الموضوع، بل الأمر متروك للدول العربية المختصة تقرر فيه ما تشاء، وكل ما أستطيع أن أقوله هو أننا قبل تأميمنا للقناة قد تأكدنا من أننا نستطيع إدارتها بأنفسنا إدارة كاملة.
- سؤال: ماذا عن تاريخ نشأة فكرة تأميم القناة؟
* الرئيس: لقد بدأنا نفكر فى القناة منذ عامين ونصف عام؛ فقد كان المفروض أن تنشأ القناة لخدمة مصر، ولكن الآية عُكست؛ فأصبحت مصر هى الخادمة للقناة، وإننا لم نقرر تأميم القناة إلا بعد رفض الغرب تمويل مشروع السد العالى. ونحن نرى اليوم أننا نستطيع أن نبنى السد العالى بأنفسنا وبمواردنا، إن شعبنا الذى بنى الهرم يستطيع أن يبنى السد العالى، ولكنه فى هذه المرة سيقوم ببناء مشروعات لصالحه، تحقق له وللأجيال القادمة الرفاهية، بدلاً من أن يسخر فى بناء القصور كما كان يفعل فى الماضى.
ولا بد لمصر أن تقوم بمجهود إنتاجى ضخم؛ لرفع مستوى معيشة الشعب المصرى. إن عددنا سيصبح ٤٥ مليوناً فى خلال الثلاثين عاماً القادمة، ومعنى ذلك أنه يجب علينا أن نعمل دون كلل؛ لرفع مستوى المعيشة الذى وصل إلى هذا الحد من الانخفاض بسبب الاستعمار.
- سؤال: إنك أعطيت ضماناً بحرية الملاحة، ولكن الحكومات تتغير، فماذا يضمن استمرار ضمان حرية الملاحة فى القناة؟
* الرئيس: لقد أوضحت فى بيانى أننا لا نعارض فى إعطاء ضمان لحرية الملاحة؛ ولكننا ضد الاستعمار الجماعى الذى يريد أن يفرض سيطرته علينا، وتبرير هذه السيطرة بضرورة ضمان حرية الملاحة.
- سؤال: هل صحيح أن روسيا عرضت على مصر مساعدة عسكرية؟ وما هو موقف مصر من هذا العرض؟
(لم يجب الرئيس عن هذا السؤال).
- سؤال: ما هو التاريخ الذى حددتموه لعقد المؤتمر الدولى الذى تقترحونه؟
* الرئيس: يمكن أن يعقد هذا المؤتمر فى أى وقت، إنها مسألة اتفاق، ونحن لسنا قلقين، إن التهديدات العسكرية التى توجه لمصر إنما تستهدف تخويف الشعب المصرى وإفقاره، ولكن الشعب قد عزم على أن يدافع عن حقوقه، وسيادته، وكرامته حتى النهاية.
........."
يحى الشاعر