سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 15إبريل 1952 الملك فاروق يخفى محاولة اغتياله.. ووزير الداخلية يتهم الضابط «التروتسكى» مصطفى كامل صدقى بسبب «ناهد رشاد»
الأربعاء، 15 أبريل 2020 10:00 ص
كانت الساعة العاشرة مساء يوم 15 إبريل، مثل هذا اليوم، 1952 حين توجه الملك فاروق إلى منزل «نهى» ليتناول العشاء، ويلعب الورق مع أصدقائه، وفقا لشهادة مرتضى المراغى «آخر وزير للداخلية قبل ثورة 23 يوليو 1952» فى مذكراته «شاهد على حكم فاروق»، مضيفا: «كان مدخل المنزل قليل الضوء يحجبه عن المنزل المجاور حائط مكلل بأشجار الياسمين، ولم يكن الحائط عليا، ونهايته التى تؤدى إلى المدخل الداخلى للمنزل مظلمة تماما، ولما نزل الملك من السيارة، لم يتقدم هو للدخول، بل سبقه رجل الحاشية الإيطالى بولى وتبعه الملك، وأطلق شخص كان فى الناحية الأخرى من الحائط النار، فأصاب بولى فى ساقه، ونجا الملك وفر الذى أطلق النار».
يؤكد المراغى: «أخفى الملك عن وزارة الداخلية الحادث، لكنه طلب تعيين حارسين أحدهما أمام المنزل، والآخر وراء الحائط، كما أمر بوضع أنوار فوق الحائط، ولكننى علمت بالحادث وتحريت، وعلمت أن مصطفى كان موجودا فى القاهرة ذلك اليوم، وغادر منزله الساعة التاسعة فى سيارة يقودها بنفسه، لأنه أخبر «نهى» تليفونيا أنه سيخرج للنزهة، وأجابته: «إن شاء الله ترجع سالما، اعمل حسابك وأنت بتسوق لأن الحوادث كثيرة».
يؤكد المراغى: «لم يتكلم مصطفى مع نهى بعد عودته، ولكننى علمت أنها ذهبت إلى منزله فى اليوم التالى وقابلته».. ويذكر أنه اختار اسم «نهى» ولم يذكر اسمها الحقيقى فى هذه الواقعة حتى لا يفصح عن شخصيتها الحقيقية، لكن الكاتب الصحفى حنفى المحلاوى يؤكد أنها «ناهد رشاد»، فى كتابه «ناهد والملك فاروق»، أما «مصطفى» فهو «اليوزباشى مصطفى كامل صدقى».
يروى «المراغى» القصة من بدايتها، وذلك حين قرر الملك نقل يوسف رشاد «زوج ناهد» إلى القصر الملكى من سلاح البحرية، وكان يعمل فيه طبيبا متخصصا، لإعجابه بشخصيته أثناء علاجه ومتابعته فى المستشفى البريطانى بالقصاصين، بعد إصابته فى حادث تصادم على طريق الإسماعيلية يوم 15 نوفمبر 1943.
يؤكد المراغى: «كانت ناهد رشاد سيدة صغيرة شقراء ذات عينين سوداوين كعيون نساء المغول، وتنحدر من أصل شركسى، وكانت مثل معظم نساء الشركس جميلة، وقرر فاروق أن يلحقها بالقصر، وتصبح وصيفة شقيقته فايزة، وفيما بعد أصبحت من أقرب النساء إلى قلبه وأكثر الشخصيات تأثيرا عليه».. يذكر المراغى أن «رشاد» أصبح شريكا فى حاشية فاروق، ويؤكد أنه كان له الدور الأكبر فى تشكيل الحرس الحديدي، الذى اختاره فاروق اسمه بنفسه وتكون من ضباط، ينفذوا رغباته فى قتل من يريد قتلهم، وكان الضابط مصطفى كامل صدقى على رأس هؤلاء الضباط، وكان شيوعيا تروتسكيا.
يذكر المراغى أن ناهد حلمت بالزواج من فاروق «رغم أنها متزوجة» لتصير هى ملكة بعد طلاق فريدة منه فى نفس الوقت كانت معجبة بمصطفى.. يضيف: شعرت ناهد بالضعف أمامه، فهى امرأة جريئة أمام الملك وكبار القوم يقبلون يديها وينحنون أمامها، أما هذا الضابط الصغير فإنه يغمزها ويلمزها، ومن ثم أخذت تشعر بأنه أقوى منها وأنها أضعف منه، لقد أحست بانجذاب غريب ناحيته وكان وجهها يحمر كلما التقى نظرها بنظره».
قررت «ناهد» الانتقام من الملك بعد ضياع حلمها بزواجه من ناريمان، وكان «صدقي» أداتها، هكذا يذكر المراغى، مضيفا: كان من بين التقارير التى تعرض علينا أثناء عملى وزيرا للداخلية نصوص أحاديث مسجلة بين مصطفى وناهد، وفى فبراير 1952 استلفت نظرى حديث بينهما بالغ العاطفة والبذاءة معا.
يذكر محمد حسن السلمانى الأمين الخاص لفاروق أثناء التحقيق فى مقتل الضابط عبد القادر طه، ونشرته جريدة «المصرى» يوم 21 يناير 1953”:”الملك فاروق كان يخشى أن يقتله اليوزباشى مصطفى كامل صدقى بسبب التنافس على الفوز بقلب ناهد، وفى هذا الوقت توقعت وزارة الداخلية اعتداء مصطفى على الملك فوضعته تحت الرقابة، كما وضعت تليفونه تحت المراقبة، وكان هناك شعور عام داخل السراى أن مصطفى شخص خطر، ويحب تحذير الملك منه، وفى يوم من الأيام سافر الملك إلى الإسكندرية ونزل فى المحروسة، وكانت معه ناهد، فاتصل المراغى بالسراى يؤكد أن مصطفى راح وراء ناهد إلى الإسكندرية، ويخشى من أن ناهد ومصطفى يقتلان الملك، وأبلغنى المراغى شخصيا بأنه يخشى على الملك من ناهد بالذات، لأن مصطفى له سلطان كبير عليها، واتضح من المراقبة التليفونية، أن مصطفى كان يصف الملك بأنه «بغل وطور».
د. يحي الشاعر.