سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 22 مارس 1948.. جماعة الإخوان تقتل المستشار أحمد الخازندار رئيس محكمة الاستئناف بعد خروجه من منزله.. وزوجته تصرخ: «مش قلت لك يا أحمد بك»جماعة الإخوان تقتل المستشار أحمد الخازندار
الأحد، 22 مارس 2020 10:00 ص
خرج المستشار أحمد الخازندار الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة من منزله بحلوان صباح 22 مارس، مثل هذا اليوم، 1948، بعد أن ودع زوجته وقبَل طفليه، حسبما يذكر«مرتضى المراغى» آخر وزير داخلية قبل ثورة 23 يوليو 1952 فى مذكراته «شاهد على حكم فاروق»، مضيفا: «أخذ يمشى على مهل من منزله متجها إلى محطة السكك الحديدية ليستقل القطار، ولم يبتعد عن منزله أكثر من خمسين مترا، حتى انقض عليه شابان، وأطلقا عليه ست رصاصات سقط على أثرها قتيلا».
كان «الخازندار» فى التاسعة والخمسين من عمره «مواليد 5 ديسمبر 1889».. يصفه «المراغى» قائلا: «كان يتميز بالعلم الغزير وبنزاهة لا يرقى إليها الشك، وانعقدت المحكمة برئاسته لمحاكمة جماعة من الإخوان اتهموا بحيازة متفجرات وأسلحة، وعرضت القضية على دائرة أخرى تلقت تهديدات عديدة بالقتل، وأخذت تؤجل حتى انتهت إلى الدائرة التى يرأسها، وطلب محامو المتهمين التأجيل، لكنه رفض وأصر على نظرها رغم تهديده بالقتل سواء برسائل أومكالمات هاتفية لصلابته المعهودة، وحكم على المتهمين مدة طويلة بالأشغال الشاقة، فصدر عليه حكم الإعدام من محكمة الإخوان».
كان أحمد عادل كمال أحد شباب الجماعة وقتئذ، وموظفا بالبنك الأهلى، وعن طريقه تم معرفة عنوانه حيث كان من عملاء البنك، ويكشف فى مذكراته “النقط فوق الحروف”:”كنت فى عملى بالبنك، حين شاهدت أحد الموظفين الأجانب يندفع وسط المكاتب ويصيح: «جمدوا حساب أحمد بك الخازندار، فسأله أحدهم: لماذا؟..قال جاء خبر الآن بالتليفون أنه مات..ضربوه بالرصاص».. يعلق: «لم يكن الخبر عند موظف البنك أكثر من ذلك ولكنه عندى كان أكثر من ذلك».. يضيف: «ما إن انتهى عمل اليوم حتى انطلقت أطمئن على ماحدث، ولم تكن الأخبار مطمئنة، لقد اغتاله اثنان من إخواننا فى الصباح، وقبض عليهما».
يكشف «كمال» خطة «الجماعة» لتصفية الخازندار بعد قرارها بقتله، قائلا: «وقع الاختيار على حسن عبد الحافظ ومحمود سعيد زينهم لاصطياد الرجل، وبعد مراقبة الرجل أياما علم أنه يذهب إلى المحكمة فى باب الخلق بالقاهرة، ويعود إلى حلوان بالمواصلات العادية سيرا على الأقدام إلى محطة سكة حديد حلوان ثم القطار إلى باب اللوق ثم المواصلات المعتادة، كذلك أبانت الدراسة أن قسم بوليس حلوان لاتتبعه سيارات، وعلى ذلك وضعت الخطة:أن ينتظر خروجه من بيته فيغتاله حسن بالمسدس، بينما يقف له محمد حارسا وحاميا لانسحابه بالمسدس وبقنابل يدوية صوتية ثم ينسحبان، ويمنعان تتبعهما من الجماهير بإطلاق الرصاص فى الهواء وإلقاء القنابل، ويكون انسحابهما فى غير تتبع من أحد إلى بيت عبدالرحمن السندى، رئيس النظام الخاص».. يؤكد: «باتا ليلة الحادث أيضا فى بيت السندى».
يضيف: «فى الصباح الباكر وقبل الموعد المعتاد لخروج الخازندار من بيته كان الصائدان يترصدان ذلك الخروج، ثم خرج فى خطوات وئيدة، وكان محمود بعيدا بعض الشىء يرقب الطريق والمارة، ويرقب أيضا أخاه فى المهمة، بينما تقدم حسن وأطلق بضع طلقات لعلها كانت ثلاثا لم تصب الهدف ولم يضع محمود الفرصة، فترك مكانه وتقدم نحو الخازندار وقيل إنه أمسك به من ذراعه وأوقعه إلى الأرض».. يؤكد: «كان محمود مصارعا ورياضيا مكتمل الجسم مثل الجمل الأورق، وصوب إليه مسدسه فأفرغ فيه ماشاء، ثم تركه وانسحب بزميله، وخرجت الأرملة تصيح من الشرفة وتقول: «ألم أقل لك يا أحمد بك..ألم أقل لك..أنا مش قلت لك..؟».
يضيف كمال: «كان العجلاتىالقريب من البيت يفتح محله حين سمع إطلاق الرصاص وصراخ الزوجة، ووجد الخازندار ممددا على الأرض فى دمائه، فانطلق بإحدى دراجاته إلى قسم البوليس، وكانت مفاجأة القسم الذى كان معلوما خلوه من السيارات، أن تصادف أن جاءته من القاهرة سيارة لنقل بعض المحجوزين به، وانطلق الكونستابل الذى كان يصاحب السيارة بها فى أثر الفارين، وتغير الموقف فاتجه القتلة محمود وحسن صوب الجبل بدلاً من اتجاههما إلى بيت «السندى»، واجتازا فى انسحابهما هذا بعض أسوار الحدائق والبيوت، وسقط حسن فجزعت قدمه، واضطر محمود أن يحمله أويسنده بعض الوقت، وتوالت قوات البوليس من القسم نحو الجبل، ثم لم يلبث أن ضرب على الجبل حصار من العباسية إلى حلوان على مسافة تزيد على ثلاثين كيلوا مترا، وتقدمت تلك القوات إلى داخل الجبل الأجرد فقبضت على محمود وحسن».
وتواصلت الأحداث ..................."
د. يحي ألشاعر